الهدي ناويا به التحلل ـ مذهب الأكثر. واستدل عليه في المنتهى بقوله تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (١). وبان النبي (صلىاللهعليهوآله) حيث صده المشركون يوم الحديبية نحر بدنة ثم رجع الى المدينة (٢). قال : وفعله (صلىاللهعليهوآله) بيان للواجب ، فيكون واجبا. وقد يقال : ان مورد الآية الشريفة الحصر ، وهو خلاف الصد على ما ثبت بالنص الصحيح. وفعل النبي (صلىاللهعليهوآله) لم يثبت كونه بيانا للواجب ، وبدون ذلك يحتمل الندب. وقال ابن إدريس : يتحلل المصدود بغير هدي ، لأصالة البراءة. ولأن الآية الشريفة إنما تضمنت الهدي في المحصور وهو خلاف المصدود. وقال في الدروس : ويدفعه صحيحة معاوية بن عمار (٣) : «ان النبي (صلىاللهعليهوآله) حين صده المشركون يوم الحديبية نحر وأحل». ويتوجه عليه ما سبق. وبالجملة فالمسألة محل اشكال ، وان كان المشهور لا يخلو من رجحان ، تمسكا باستصحاب حكم الإحرام الى ان يعلم حصول المحلل. وتؤيده رواية زرارة. ثم أورد موثقته التي قدمناها ، ثم أورد مرسلة ابن بابويه التي قدمناها أيضا.
أقول : الظاهر ان هذه المناقشة من المناقشات الواهية ، فإن الظاهر من كلام العلامة في المنتهى ان الحكم بذلك مجمع عليه بين الخاصة والعامة ، حيث لم ينقل فيه الخلاف إلا عن مالك ، قال (قدسسره) : وإنما يتحلل المصدود بالهدي ونية التحلل معا ، اما الهدي فقد أجمع
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٩٥.
(٢ و ٣) التهذيب ج ٥ ص ٤٢٤ ، والوسائل الباب ٩ من الإحصار والصد رقم ٥.