وجملة من المتأخرين قد طعنوا في هذين الخبرين المنقولين في كلامهم بمخالفة الأصول والقواعد المقررة من وجوه : أحدها ـ وجوب الكفارة على الناسي ، وهو في غير الصيد مخالف لغيرهما من النصوص والفتاوى. وثانيها ـ وجوب البقرة في تقليم الأظفار ، والواجب شاة في مجموعها. وثالثها ـ وجوب البقرة بالجماع ، والواجب به مع العمد بدنة ، ولا شيء مع النسيان. ورابعها ـ مساواة الجماع في الكفارة بقلم الأظفار ، والحال انهما مفترقان في الحكم في غير هذه المسألة. ولأجل هذه المخالفات نقل عن بعض الأصحاب (رضوان الله عليهم) حمل الخبرين على الاستحباب. وبعضهم فرق بين الظان والناسي ، فأسقط الكفارة عن الناسي وجعل مورد هذه المسألة الظن كما صرح به في الرواية الأولى. وأكثر الأصحاب تلقوهما بالقبول مطلقا ، وهو الحق الحقيق بالاتباع. فان رد الرواية سيما إذا كانت صحيحة السند بهذه الأشياء مجرد استبعاد ، ولا سيما ما يدعونه من عدم الكفارة على الناسي فإنه على إطلاقه محل المنع ، فان ذلك سيما في باب الحج انما ورد بالنسبة إلى الجاهل ولكنهم ألحقوا الناسي به. والمفهوم من بعض اخبار وجوب الإعادة بالصلاة في النجاسة ناسيا ان وجوب الإعادة عليه انما وقع عقوبة لتقصيره في نسيانه وعدم تذكره (١).
قال في المسالك بعد ذكر نحو ذلك : ويمكن توجيه هذه الاخبار بان الناسي وان كان معذورا لكن هنا قد قصر حيث لم يلحظ النقص ، فان من قطع السعي على ستة أشواط يكون قد ختم بالصفا ، وهو واضح الفساد
__________________
(١) الوسائل الباب ٤٢ من النجاسات.