والظاهر انه أراد به تأكد الكراهة. انتهى.
أقول : والتصريح بالتحريم كما وقع في رواية أبي الصباح المروية بطريق آخر في الصحيح عن الحلبي (١) فكذا في صحيحة الحلبي (٢) ، وصرح بالتكفير على لبس المخيط المؤذن بالتحريم في صحيحة هارون بن خارجة (٣) مع اتفاق الروايات الباقية عدا المرسلة الأخيرة (٤) في انه يجتنب ما يجتنبه المحرم الى يوم النحر. ولا وجه لاطراح هذه الاخبار كملا والخروج عن ظاهرها إلا مجرد الاستبعاد الذي ذكره ابن إدريس في المسألة المتقدمة وهو من ردت عليه قيمة الهدي ، وانه يرسل هديا في العام القابل ، ويمسك عن المحرمات وقت الإرسال. وهم قد ردوه سابقا ، وإلا فما الموجب لتأويلها بما ذكره؟
ومن أجل ذلك اعترضه سبطه في المدارك ايضا ، فقال بعد نقل ذلك عنه : ويشكل بان مقتضى روايتي الحلبي وابي الصباح الكناني التحريم ، ولا معارض لهما يقتضي حملهما على الكراهة.
أقول : وظاهر المحقق في الشرائع أيضا يشعر بذلك حيث صرح باستحباب الكفارة لو اتى بما يحرم على المحرم. بل يشعر بنوع توقف في أصل الحكم حيث نسبه الى الرواية ، فقال : وروى ان باعث الهدي تطوعا يواعد أصحابه وقت ذبحه أو نحره ، ثم يجتنب ما يجتنبه المحرم فإذا كان وقت المواعدة أحل ، لكن هذا لا يلبي. ولو اتى بما يحرم على المحرم كفر استحبابا. انتهى.
والظاهر ان منشأ جميع ذلك هو الاستبعاد الذي ذكره ابن إدريس في تلك المسألة ورد لأجله أخبار هذه المسألة. وهو مردود بأن الأحكام
__________________
(١ و ٤) ص ٦٤.
(٢ و ٣) ٦٣.