أقول : ما نقله في المختلف عن ابن إدريس ـ من قوله بالقول المشهور ـ صحيح بالنظر الى صدر عبارته في السرائر ، إلا ان كلامه في آخرها يشعر بالعدول عنه ، حيث قال : قال محمد بن إدريس : واما المصدود فهو الذي يصده العدو عن الدخول إلى مكة والوقوف بالموقفين فإذا كان ذلك ذبح هديه في المكان الذي صد فيه سواء كان في الحرم أو خارجه ، لان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) صده المشركون بالحديبية ـ اسم بئر ـ وهو خارج الحرم ، يقال : الحديبية بالتخفيف والتثقيل وسألت ابن العصار الفوهي (١) فقال : أهل اللغة يقولونها بالتخفيف وأصحاب الحديث يقولونها بالتشديد. وخطه عندي بذلك ، وكان إمام اللغة ببغداد. ولا ينتظر في إحلاله بلوغ الهدي محله ، ولا يراعي زمانا ولا مكانا في إحلاله. فإذا كان قد ساق هديا ذبحه ، وان كان لم يسق هديا ، فإذا كان اشترط في إحرامه ان عرض له عارض يحله حيث حبسه ، فليحل ولا هدي عليه ، وان لم يشترط فلا بد من الهدي وبعضهم يخص وجوب الهدي بالمحصور لا بالمصدود. وهو الأظهر ، لأن الأصل براءة الذمة. ولقوله تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (٢) أراد به المرض ، لانه يقال : «أحصره المرض وحصره العدو» ويحل من كل شيء أحرم منه ، من النساء وغيره ، اعني : المصدود بالعدو. انتهى. وعلى هذا فالأولى نقل ما اختاره في جملة
__________________
(١) كذا في السرائر المطبوع باب حكم المحصور والمصدود ، وفي هامشه هكذا : (اللغوي خ ل) ، وفي كتب التراجم هكذا : (ابن العصار الرقي اللغوي) كما في إنباء الرواة ج ٢ ص ٢٩١ وبغية الوعاة ج ٢ ص ١٧٥.
(٢) سورة البقرة ، الآية ١٩٥.