على المنكر». خرج منه الأول من حيث أنه أمين وبقي ما عداه.
وقيل : ان القول قول الموكل ، بيمينه مطلقا ، سواء كان الوكيل بجعل أو بدونه ، ووجهه أن الأصل عدم الرد ، والخبر المتفق عليه ، وأجيب عن الوجوه المتقدمة فيما إذا لم تكن بجعل أن كونه أمينا لا يستلزم القبول ، كمن قبضه لمصلحة نفسه مع كونه أمينا ، والضرر يندفع بالإشهاد ، والتقصير في تركه إنما هو منه ، وكونه محسنا لا ينافي عدم قبول قوله في الرد ، وكونه من جملة السبيل المنفي عنه ، يندفع بأن اليمين عليه سبيل أيضا ، وليس بمندفع.
أقول : وهذه الوجوه المستدل بها وأجوبتها لا يخلو من المناقشات التي ليس في التعرض لها مزيد فائدة بعد ما عرفت في غير موضع مما تقدم من أنها لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية ، وإنما المدار فيها على النصوص المعصومية ، والمستفاد منها كما تقدم تحقيقه ـ في ذيل المسئلة الاولى (١) من مسائل سابق هذا المطلب ـ هو أن الأمين وكيلا كان أو غيره بجعل كان أو بغير جعل ، يقبل قوله فيما ادعاه من تلف أورد أو غيرهما ، وأن هذه الاخبار الدالة على ذلك أخص من الاخبار الدالة على ما ذكروه من تلك القاعدة وهي «أن البينة على المدعي واليمين على المنكر» التي استندوا إليها هنا في تقديم قول الموكل ، ومقتضى القواعد الشرعية تقديم العمل بهذه الأخبار ، لأنها أخص ، ويخصص ما استندوا إليه من تلك القاعدة بها.
وبذلك يظهر لك بطلان الوجه العقلي الذي استندوا إليه في الفرق بين الودعي والوكيل بغير جعل ، وبين غيرهما ممن له مصلحة في تلك المعاملة ، وأن الأول محسن محض فلا يضمن ، بخلاف الثاني ، فإنه مجرد تخريج لا دليل عليه ، كما اعترف بذلك في المسالك في كلام قدمنا نقله عنه في كتاب العارية قال فيه : وهذه العلة ليست منصوصة وإنما هي مناسبة ، وهو جيد.
__________________
(١) ص ٨٣.