الحكم هنا كسائر العقود المبنية على مجرد الرضا ، فكل لفظ دل عليه كفى في المراد وحصل به النقل ، ولهذا ان روايات سائر العقود غاية ما تدل عليه ، هو الأنعقاد بمجرد الألفاظ الجارية في مقام المحاورة بين المتعاوضين دالة على الرضا ، وفيما نحن فيه انما دلت على هذين اللفظين خاصة ، إلا أنه ربما انقدح الاشكال هنا من وجه آخر ، وهو انهم قد صرحوا باستعمال لفظ الوقف في مجرد الحبس الذي هو معناه لغة ، ويرجع الى ما يأتي من السكنى والعمرى والرقبى ، وعليه دلت الأخبار أيضا كما سيأتي إنشاء الله ، وبه ينقدح الاشكال فيما ادعوه من أن لفظ الوقف صريح في هذا المعنى المدعي الذي هو مشروط بالتأبيد ، وكيف يكون صريحا فيه مع استعماله نصا وفتوى فيما قلناه.
وكيف كان فالأحوط هو ضم القرائن الدالة على الوقف المدعى ، سوآء وقع التعبير بلفظ الوقف أو الصدقة ، والاقتصار على هذين اللفظين من حيث ورود النصوص بهما والله العالم.
الموضع الثاني : اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في اشتراط القبول في الوقف بعد الاتفاق على الإيجاب فظاهر الأكثر حيث ذكروا الإيجاب ولم يتعرضوا لذكر القبول هو عدم اشتراطه مطلقا ، وهو أحد الأقوال في المسئلة ، وعلل بأن الأصل عدم الاشتراط ، ويؤيده أنه ليس في النصوص ما يدل عليه ، ولأن الوقف كالإباحة ، خصوصا إذا قلنا أن الملك فيه ينتقل الى الله عزوجل ، ولأنه فك ملك فيكفي فيه الإيجاب كالعتق ، واستحقاق الموقوف عليه النفقة كاستحقاق العتق منافع نفسه.
وقيل ، باعتباره مطلقا ، ونقل عن التذكرة ، لإطباقهم على أنه عقد ، فيعتبر فيه الإيجاب والقبول كسائر العقود ، ولأن إدخاله في ملك الغير بغير رضاه بعيد ، ولأصالة بقاء الملك على مالكه بدونه.
وقيل : بالتفصيل وهو اعتباره ان كان على جهة خاصة ، كشخص معين ،