الوصف إلى حد الكفر ، فلقائل أن يقول يخرج أربابه عن الاستحقاق ، لأن الوقف صدقة ، ومن شرط الصدقة التقرب إلى الله تعالى ، فمن لا يصح التقرب بالمعاونة عليه يبطل الوقف عليه ، انتهى.
والذي يقرب عندي أن كلام الشيخ المشار اليه (قدس الله روحه) مبنى على مسئلة أخرى ، وهو أنه هل يشترط في صحة الوقف القربة الى الله تعالى به ، فلو خلا منها لم يكن وقفا صحيحا أم لا؟ فعلى الأول لو تجدد من الموقوف عليه بعد الوقف ما ينافي التقرب الى الله تعالى بصلته كاتصافه بالكفر بطل الوقف ، كما أنه يبطل ابتداء لو كان كافرا ، فإنه لا يجوز الوقف عليه ، الا أن يكون الكافر أحد الأبوين على ما سيأتي تفصيله ـ ان شاء الله تعالى ـ في تلك المسئلة ، وقد صرح بما قلناه ابن إدريس في تلك المسئلة ، فقال : لا يجوز الوقف على الكفرة الا أن يكون الكافر أحد الأبوين ، لان من صحة الوقف وشرطه نية القربة فيه ، انتهى.
والشيخ المفيد (قدسسره) قد صرح في كتابه المذكور باشتراط القربة في صحة الوقف ، كما يشير اليه كلامه هنا ، فقال في موضع آخر : ولا بد في ذكر الوقف من شرط الصدقة به ، والقربة الى الله تعالى بذلك ، وحينئذ فاعتراض ابن إدريس عليه ليس في محله ، لأنه من القائلين بهذا القول كما سمعت من عبارته المذكورة ، ومثلها ما صرح به في موضع آخر أيضا حيث قال : وجملة القول أنه يفتقر صحة الوقف إلى شروط ، إلى أن قال : ومنها أن يكون متلفظا بصريحه قاصدا اليه ، والتقرب به الى الله تعالى ، والمراد بقوله متلفظا بصريحه ، يعنى الإتيان بالعبارة الصريحة في عقد الوقف ، وحينئذ فإذا كان مذهبه أن التقرب شرط في صحة الوقف فيبطل بدونه ، لفوات الشرط المذكور ، فإنه لا فرق بين البطلان بفواته في الابتداء ، وفي الأثناء ، فإن شرطيته ثابتة ابتداء واستمرارا ، فكلام الشيخ المذكور بناء على ما ذكرناه لا يعتريه نقص ولا قصور ، بقي الكلام في تحقيق هذه المسئلة ، وهو أنه هل يشترط في صحة