مما اتفقوا على بطلانه ، فلا بد من تخصيصه بالوقف الصحيح المستكمل لشرائط الصحة ، ودعوى كونه هنا كذلك محل البحث والنزاع ، فيرجع ذلك إلى المصادرة أيضا.
وأما حديث إسماعيل بن الفضل فلا أعرف له دلالة على ما ادعوه ان لم يكن بالدلالة على البطلان أشبه ، وذلك فان كلام السائل قد تضمن السؤال عن شيئين : أحدهما أن هذا الشرط هل يصح أم لا؟ وإليه أشار قوله في الخبر المذكور «إله ذلك وقد جعله لله» والثاني أنه ما حكمه بعد موت الرجل ، والحال هذه أيرجع ميراثا أم يبقي وقفا ، والجواب في الخبر إنما وقع عن الثاني خاصة ، ولا ريب أن رجوعه ميراثا كما أجاب به عليهالسلام كما أنه يصح مع صحة الوقف ، كما ادعوه كذلك يكون صحيحا مع البطلان ، كما يقوله الخصم ، بل هو أولى بالبطلان ، بل هو الظاهر ، فإن الأظهر أن الامام عليهالسلام جعل هذا الجواب جوابا عن السؤالين معا ، والا فسكوته عن جواب السؤال الأول من غير وجه يدعوه إليه مشكل ، وحينئذ فحكمه عليهالسلام برجوعه ميراثا متضمن للجواب صريحا عن السؤال الثاني ، وضمنا عن الأول ، بمعنى أن رجوعه ميراثا كناية عن كونه لم يخرج عن ملكه في حال حياته ، ويؤيده قوله وقد جعله لله.
وقد تقدم في جملة من الأخبار أن ما جعله لله لا رجعة فيه ، وحاصله أنه ليس له الرجوع بما ذكره لكونه قد جعله لله سبحانه ، بل هو باطل في حال حياته وموته ، ورجوعه ميراثا إنما هو لذلك ، لأن الحكم بصحته في حال الحياة باطل ، بما ستعرفه في حجة القول الثاني.
ونحو هذه الرواية صحيحة إسماعيل الثانية (١) المتقدمة عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : من أوقف أرضا ثم قال : ان احتجت إليها فأنا أحق بها ، ثم مات الرجل فإنها ترجع ميراثا». فان الظاهر أن رجوعها كاشف عن بطلان الوقف في حياته ، وأن
__________________
(١) التهذيب ج ٩ ص ١٥٠ ح ٥٩.