وثانيا أنه مع الإغماض عن ذلك فوجه الفرق بين الموضعين ظاهر مما قدمناه في التنبيه الرابع من المسئلة السابقة (١) ، وملخصه أن الوقف على الفقراء إنما هو وقف على الجهة كالوقف على المساجد ، والوقف هنا ينتقل إلى الله تعالى ، ويشترك فيه كل من اتصف بذلك العنوان حتى الواقف نفسه ، فلا يحصل هنا نقل عن الموقوف عليه ، لأنه ليس ثمة موقوفا عليه ، وإنما يصير مراعى ببقاء الصفة المذكورة من الفقر ونحوه ، فإذا زالت كان في حكم موت الموقوف عليه ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنه بالوقف عليه يصير ملكا له ، ونقله عنه بالاختيار مناف لتمليكه له بالوقف ، وبذلك يظهر لك أن الحق هو بطلان الوقف بهذا الشرط والله العالم.
ومنها ما لو وقف على أولاده الأصاغر ، فإنه يجوز أن يشرك معهم غيرهم بالشرط في العقد ، والظاهر أنه لا خلاف فيه ، وإنما الخلاف في أنه هل يجوز مع عدم الشرط أم لا؟ المشهور الثاني ، وقال الشيخ في النهاية بالأول ، قال : إذا وقف على ولده الموجودين وكانوا صغارا ثم رزق بعد ذلك أولاد جاز أن يدخلهم معهم فيه ، ولا يجوز أن ينقله عنهم بالكلية إليهم ، ووافقه ابن البراج ، إلا أنه قيده بعدم قصره على السابقين ، قال : الوقف يجب أن يجري على ما يقفه الواقف ، ويشترط فيه ، وإذا وقف على ولد موجود وهو صغير ، ثم ولد له بعده غيره ، وأراد أن يدخله في الوقف مع الأول كان جائزا ، إلا أن يكون قد خص الولد الموجود بذلك ، وقصره عليه ، وشرط أنه له دون غيره ممن عسى أن يرزقه من الأولاد ، فإنه لا يجوز له أن يدخل غيره في ذلك.
والاختلاف في هذه المسئلة ناش من اختلاف الأخبار فيها ، فمما تدل على القول المشهور صحيحة علي بن يقطين (٢) «عن أبي الحسن عليهالسلام قال : سألته
__________________
(١) ص ١٦٣.
(٢) التهذيب ج ٩ ص ١٣٧ ح ٢٢ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣٠٠ ح ١.