الوقف من إطلاق الصدقة ، ويؤيده ما قدمناه من الأخبار الظاهرة في أن الصدقة في الصدر الأول إنما هي بمعنى الوقف ، واستعمالها في هذا المعنى المشهور بين الفقهاء إنما هو محدث ، وهي بهذا المعنى إنما تدخل في النحل والهبة ، كما في زمنه (صلىاللهعليهوآله).
بقي الكلام في الجمع بين هذه الأخبار ، وهو لا يخلو من الإشكال ، الا أنه يمكن أن يقال : ان رواية جميل فالظاهر أنه لا دلالة فيها على ما نحن فيه ، ولا تعلق لها به ، إذ المتبادر من الرجوع في الصدقة إنما إخراجها عما فعله ، وجعلها ملكا ، كما كان أولا ، فلا يكون من محل البحث في شيء ، وكذا صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، فإنها غير صريحة بل ولا ظاهرة في محل البحث ، لأن جعله لولده أعم من أن يكون بطريق لازم ، أم لا كالوصية به ، أو الصدقة مع عدم القربة ، فيمكن حمله على أحد الوجهين المذكورين ، ولا يكون من محل البحث في شيء.
وأما صحيحة علي بن يقطين الأولى ، فهي معارضة بصحيحة الثانية ، وجمع بينهما في المسالك بأمرين أحدهما حمل الصحيحة الأولى على ما إذا قصر الوقف على الأولين ، كما ذكره القاضي ابن البراج فيما قدمنا من نقل عبارته ، ويشعر به قوله بعد أن أبانهم ، فتحمل الثانية على ما لو لم يشترط ذلك كما يدل عليه إطلاقه ، وثانيهما حمل النفي في الأولى على الكراهة ، ثم قال : وكلاهما متجه ، الا أن الأول من التأويلين أوجه.
أقول : الذي يخطر ببالي العليل ويختلج بفكري الكليل إن ما ذكره من التأويل الأول الذي استوجهه وجعل عليه المعول لا يخلو من خدش ، وذلك فإنه متى حمل الخبر على ما ذكره من قصر الوقف على الأولين ، مع أنه عليهالسلام قال : في الجواب ليس له ذلك الا أن يشترط أن من ولد له فهو مثل من تصدق عليه ، فاللازم من ذلك هو عدم التعرض لحكم الإطلاق في الرواية ، مع أنه محل البحث ،