بها الوقف ، فتتبعها المنفعة فيفوت الغرض من الوقف ، والأظهر عندي في الاستدلال هو ما تقدم ذكره ،
وأما الوجه في عدم الجواز في وقف المبهم سواء استند الى معين كفرس من هذه الأفراس ، أم الى غير معين كفرس بقول مطلق فلأن مرجع ذلك الى أمر كلي غير موجود في الخارج كما تقدم في الدين ، وانما يتعين بالتعيين ، والأظهر هنا أيضا هو الرجوع الى الدليل المتقدم ، وانما صرنا الى مخالفة الأصحاب في هذه الأبواب فيما هنا وما سلف في غير باب ، لما عرفت من أن الأحكام الشرعية لا تبنى على مثل هذه التعليلات العقلية ، وانما تبنى على الأدلة الشرعية وأصالة العدم قاعدة كلية واضحة جلية ، لا نزاع فيها ولا شبهة تعتريها ، إذ لا تكليف إلا بعد البيان ، ولا مؤاخذة إلا بعد اقامة البرهان كما هو مسلم بين جملة العلماء الأعيان ، فالعلة في الجميع انما هو ما ذكرناه ، ويخرج ما ذكروه من التعليلات شاهدا ووجها لما ذكرناه.
الثاني : أن تكون مملوكة وهو اما بمعنى صحة تملكها بالنظر الى الواقف فما لا يصح تملكه لا يصح وقفه ، فلا يصح وقف الحر ولو رضى بذلك ، ولا يصح وقف الخمر والخنزير من المسلم على مسلم أو كافر ، ويصح من الكافر على مثله كما صرحوا به ، ويصح وقف الكلب المملوك ، قال في المسالك : والمراد بالمملوك أحد الكلاب السبعة.
أقول : لا أعرف من الكلاب المذكورة سوى كلب الصيد ، وكلب الماشية وكلب الزرع ، وكلب الحائط ، وكلب الدار ، هذا هو المصرح به في كلامهم ، وقد تقدم في المقدمة الثالثة من المقدمات المذكورة في صدر كتاب التجارة (١) تحقيق ما يملك وما لا يملك منها ، وبينا هنا أن المستفاد من الأخبار هو بيع كلب الصيد خاصة ، ولهم فيما عداه اختلاف وأقوال قد قدمنا نقلها ثمة.
__________________
(١) ج ١٨ ص ٧٩.