إلى فقراء نحلته ، والوجه فيه ، أن صفة الفقر وان شملت لغة لكل من المسلم والكافر ، ومقتضاه العموم للجميع في كل من الصورتين المذكورتين ، الا أن العرف وشاهد الحال يدل على ارادة المسلمين في الأولى ، وأهل نحلة الواقف في الثانية ، والعرف عندهم مقدم على اللغة ، وهذا يتم مع تحقق دلالة العرف وشهادة الحال عليه ، والا فاللغة مقدمة ، الا أنه لما كان تحقق الدلالة العرفية هنا وشهادة الحال بذلك ظاهرا جزموا بالحكم المذكور من غير تردد.
بقي أنه لو وقف على الفقراء فهل يجب تتبع من خرج عن بلد الوقف أو يكفي الدفع إلى فقراء البلد؟ صرح جملة من الأصحاب بالثاني ، وعلل بأن الوقف على غير منحصر إنما هو وقف على الجهة ، لا على أشخاصها ، ومصرف الجهة من اتصف بوصفها من فقر أو فقه لو كان الوقف على الفقهاء ، فلا يجب الدفع إلى جميع الأشخاص الداخلين في الوصف ، ويدل عليه ما رواه ثقة الإسلام في الكافي عن على بن محمد بن سليمان النوفلي (١) قال : «كتبت إلى أبى جعفر الثاني عليهالسلام أسأله عن أرض وقفها جدي على المحتاجين من ولد فلان بن فلان وهم كثير متفرقون في البلاد فأجاب عليهالسلام ذكرت الأرض التي أوقفها جدك على فقراء ولد فلان بن فلان وهي لمن حضر البلد الذي فيه الوقف ، وليس لك أن تتبع من كان غائبا».
وظاهر الخبر الاختصاص بمن حضر البلد لظاهر اللام ، المؤذن بالملك أو الاختصاص ، والأصحاب صرحوا بأنه لو تتبع جاز ، لأن المنفي إنما هو وجوب التتبع ، والظاهر من الخبر خلافه ، وان أمكن احتماله.
وظاهر الخبر وجوب استيعاب من في البلد ، وبه صرح بعضهم ، وقيل : يجزى الاقتصار على ثلاثة مراعاة للجمع ، مع ما علم من أن الجهة لا يقتضي الأشخاص ، وقيل : يكفى اثنين ، بناء على أنه أقل الجمع.
قال في المسالك : ويحتمل جواز الاقتصار على واحد ، نظرا الى أن الأشخاص
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٣٨ ح ٣٧ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣٠٨ ح ١.