على الخلاف المذكور صحة تصرف الوكيل بعد العزل ، وقبل الاعلام بناء على القول المختار ، وعلى القولين الأخيرين من الانعزال بمجرد العزل أو بمجرد الاشهاد يبطل جميع ما فعله بعد الأمرين المذكورين ، وهو الظاهر ، والله سبحانه العالم.
الخامسة : قد صرح الأصحاب بأن الوكالة تبطل بأمور منها ما تقدم من عزل الوكيل نفسه على ما قالوه ، وعزل الموكل كما عرفت ، ومنها التعليق بالشرط أو الصفة
، وقد عرفت الكلام فيه ، الا أن في عد هذا الفرد نوع تسامح.
ومنها موت كل من الوكيل أو الموكل ، أما موت الوكيل فظاهر ، وأما موت الموكل فلأن ما وكل فيه ينتقل الى غيره ، فلا يجوز التصرف فيه إلا بإذن من انتقل اليه ، ولأن العقد كان جائزا منوطا باذنه ، ورضاءهما غير متحققين بعد الموت.
وبالجملة فإنه لا خلاف ولا إشكال في البطلان في الصورة المذكورة وقد صرحوا بأنه لو مات الموكل فان تصرف الوكيل بعد الموت باطل ، وان لم يعلم الموت ، لأن ذلك هو الأصل وإنما خرجت مسألة العزل بالنص.
وعندي فيه توقف ، لعدم إيرادهم نصا على ما ادعوه من البطلان ، سيما مع ما عرفت من خروج النصوص بعدم انعزال الوكيل قبل بلوغ العزل له الجاري ذلك على خلاف قواعدهم ، حتى اضطربوا في التفصي عنها ، فمنهم من قال بها ، وألغى تلك القواعد ، ومنهم من ألغاها وقدم تلك القواعد ، فمن المحتمل قريبا أن يكون الحكم هنا كذلك أيضا ، وما ادعوه من الأصل هنا لا أعرف له أصلا ، وكأنهم أرادوا بالأصل أصل العدم.
وفيه أن الأصل بمعنى الاستصحاب لثبوت الوكالة حتى يقوم الدليل على الإبطال في الصورة المذكورة قائم ومرجع هذا الاستصحاب الى عموم الدليل ، حتى يثبت الرافع له ، ويعضده الأمر بالوفاء بالعقود ، وبالجملة فالحكم لعدم النص لا يخلو عن اشكال.