أيضا إلى اختيار جمع من العامة أنه يبقى على ملك الواقف ، احتج الأولون بأن الواقف يزيل التصرف في العين والمنفعة ، فيزيل الملك كالعتق ، ولأنه لو كان باقيا على ملكه لرجعت إليه قيمته.
احتج الآخرون بقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) (١) «حبس الأصل وسبل الثمرة». وسيأتي أن التحبيس على الآدمي لا يخرج عن الملك ، ولجواز إدخال من يريد مع صغر الأولاد ، ولو انتقل لم يجز ذلك ودليل الصغرى قد تقدم ، والكبرى ظاهرة ، وأجيب عن الأول بأن المراد بتحبيس الأصل أن يكون محبوسا على ملك الموقوف عليه ، وما في معناه لا يباع ولا يوهب ولا يورث ، والملك إنما زال على هذا الحد من الشرائط ومطلق الحبس لا يدل على عدم الخروج ، فان منه ما يخرج عن الملك ، مع أن هذا الحبس ليس هو ذلك ، لأنه قسيمه ، فلا يكون قسما منه ، بل هذا حبس أقوى.
وعن الثاني بأن إدخال من يريد من أولاده ان سلم ، فبدليل من خارج.
أقول : لا يخفى على من لاحظ الأخبار المتقدمة سيما أخبار صدقاتهم (٢) عليهمالسلام ووقوفهم أنه لا يرتاب في دلالتها على خروج الوقف عن ملك الواقف ، وصيرورته كالأجنبي خصوصا ما دل على نصب القيم بذلك الوقف ، وان مورد الصدقة فيها التي هي عبارة عن الوقف كما عرفت هو العين بأن قصد المتصدق بها ابتغاء وجه الله سبحانه ، بمعنى أنه أخرج هذه العين عن ملكه الى ملك أولئك الموقوف عليهم ابتغاء وجه الله ، ويؤكده قوله (٣) عليهالسلام في بعضها صدقة بتلا بتا. أي منقطعة عن صاحبها الأول ، ومبانة عنه ، فان البتل لغة القطع ، والبت أيضا بمعناه ، وفي حديث صدقة الكاظم (٤) عليهالسلام وفي حديث صدقة أمير المؤمنين عليهالسلام بأمواله هذه
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص ٥١١ الباب ٢ ح ١.
(٢) الكافي ج ٧ ص ٤٧ باب صدقات النبي (ص) وفاطمة والأئمة (عليهمالسلام) ووصاياهم. الوسائل ج ١٣ ص ٣١١ الباب ١٠.
(٣ و ٤) الكافي ج ٧ ص ٥٤ ذيل ح ٨ وص ٤٩ ح ٧ ، وهذه الروايات في الوسائل ج ١٣ ص ٣١١ الباب ١٠.