ولو صار العبد الموقوف مقعدا أو عمى أو جذم انعتق ، وبطل الوقف وسقطت عنه الخدمة ، وقضية ذلك سقوط النفقة عن مولاه ، لأن وجوب النفقة عليه من حيث أنه مملوك له ، والآن قد صار حرا ، وعلى هذا فنفقته مع عدم وجود باذل من الواجبات الكفائية على المسلمين كغيره من المضطرين ، والموقوف عليه من الجملة ، فالوجوب شامل له ، وان تغاير الوجه والله العالم.
المسئلة الثانية : لو جنى العبد الموقوف على غيره عمدا أو خطأ أو جني عليه فهنا مقامات ثلاثة الأول ـ أن يجني عمدا ولا خلاف في أنه يلزمه القصاص وان استلزم إبطال الوقف عمدا ، بما دل على وجوب القصاص من الجاني.
قال في المسالك : وهو موضع وفاق ، ثم انه ان كانت الجناية دون النفس قالوا : يبقى الباقي وقفا لوجود المقتضي ، فإن الوقف لا يبطل بتلف بعض الموقوف وهو ظاهر لا اشكال فيه ولا خلاف ، وان كانت الجناية النفس ، فان اختار الولي القصاص كان ذلك له ، ولا إشكال أيضا ، وان اختار الولي الاسترقاق الذي هو أحد فردي الحقين المخير فيهما الولي فيما إذا كان الجاني عمدا عبدا ، فهل له ذلك أم لا؟ قولان : فقيل : بالأول ، لأن المجني عليه له إبطال الوقف وإخراجه عن ملك الموقوف عليه بالقتل قطعا ، والعفو عنه أمر مطلوب شرعا ، وراجح قطعا ، وفي استرقاقه جمع بين حق المجني عليه ، وفضيلة العفو ، فيكون أولى من القتل ، والى هذا القول مال في المسالك فقال : انه الأقوى.
وقيل : بالثاني وبه جزم المحقق في الشرائع والعلامة في الإرشاد والتحرير وفي القواعد بعد أن أفتى بذلك قال : على اشكال ، وعلل القول المذكور بأن الوقف يقتضي التأبيد ما دامت العين باقية ، وهو ينافي استرقاقه ، لاستلزام بطلان الوقف مع بقاء عينه وخروجه عن الوقف في بعض الموارد لدليل خارج ، لا يقتضي التعدي بحيث لا دليل.
أقول : ومن تعارض هذين التعليلين استشكل في القواعد ، إلا أن شيخنا الشهيد الثاني في المسالك حيث اختار القول الأول أجاب عن هذا التعليل ، بأن