الثاني ـ أن تكون الجناية خطأ وقد اختلف كلامهم في هذا المقام فقال الشيخ وجماعة : بأنها تتعلق بمال الموقوف عليه ، لتعذر استيفائها من رقبته ، إذ لا يتعلق الأرش إلا برقبة من يباع ، والبيع هنا ممتنع من حيث الوقف ، وحق الموقوف عليه ، فالواجب عليه أن يفديه بالأرش.
قال في المبسوط : إذا جنى العبد الموقوف جناية توجب المال لم يتعلق إلا برقبة من يباع فيه ، فأما رقبة من لا يباع فالأرش لا يتعلق بها ، إذا ثبت هذا فمن قال : أن الملك ينتقل اليه ، فهو في ماله ، ومن قال : ينتقل الى الله قيل : من مال الواقف ، لأنه الذي منع الرقبة من تعلق الأرش بها ، وقيل : يكون في بيت المال كالحر ، انتهى.
وذهب المحقق في الشرائع إلى أنه يتعلق بكسبه ، قال : لأن المولى لا يعقل عبدا ، ولا يجوز إهدار الجناية ، ولا طريق إلى عتقه ، فيتوقع ، وبهذا القول صرح العلامة في التحرير والمختلف.
قال في المسالك : وهو الأقوى ، وهو اختيار الشهيد في الدروس ، معللا بما ذكره المحقق بأن كسبه أقرب الأشياء الى رقبته ، فإذا تعذر تعلقه برقبته تعلق بما هو أقرب إليه ، واحتمل في المختلف تعلقها برقبته ، فيباع فيها كما يقتل في العمد ، والبيع أدون من القتل ، وهذا كله مبني على انتقال الملك الى الموقوف عليه.
أما على القول بانتقاله الى الله ، أو القول ببقائه على ملك الواقف كما تقدم نقله عن أبى الصلاح وبعض العامة ، فإنهم قالوا : يحتمل تعلق أرش الجناية بالوقف ، لأنه بوقفه منع من تعلق الأرش برقبته ، ويحتمل أن تكون في بيت المال كالحر المعسر.
أقول : قد عرفت من كلام الشيخ المتقدم أنه حكى هذين الاحتمالين قولين في المسئلة ، وزاد بعضهم على هذا التقدير احتمال التعلق بكسبه أيضا ، والظاهر