وفيه نظر من وجوه ، أحدها ـ ما ادعاه من أنه لا يصدق الانتساب حقيقة إلا إذا كان من جهة الأب ، فإن الأخبار عموما وخصوصا متظافرة بخلافه ، فمن الأول ما رواه في الكافي في كتاب الروضة والثقة الجليل علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبي الجارود (١) قال : «قال أبو جعفر عليهالسلام : يا أبا الجارود ما يقولون لكم في الحسن والحسين عليهماالسلام قلت : ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قال : فأي شيء احتججتم عليهم؟ قلت : احتججنا عليهم بقول الله تعالى في عيسى ابن مريم (٢) (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ)» ثم ساق الآية قال : فأي شيء قالوا لكم؟ قلت : قالوا : قد يكون ولد الابنة من الولد ، ولا يكون من الصلب ، قال : فأي شيء احتججتم عليهم قلت : بقول الله تعالى لرسوله «فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ» (٣) قال : فأي شيء قالوا؟ قلت : قالوا : قد يكون في كلام العرب أبناء رجل ، ويقول آخر أبناؤنا قال : فقال أبو جعفر عليهالسلام : يا أبا الجارود لأعطينكها من كتاب الله عزوجل أنهما من صلب رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لا يردها إلا الكافر قلت : فأين ذلك جعلت فداك؟ قال : من حيث قال الله عزوجل «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ» (٤) الآية الى أن انتهى الى قوله «وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم» فسلهم يا أبا الجارود هل كان يحل لرسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) نكاح حليلتيهما؟ فان قالوا : نعم كذبوا وفجروا ، وان قالوا : لا فهما ابناه لصلبه» الحديث.
أقول : لا يخفى أن تأويل المخالفين للآيتين الأولتين مرجعه الى التجوز ، كما يدعيه أصحابنا هنا مع ما في الخبر من التشنيع الفضيع على من قال من أصحابنا بالقول المشهور ، تبعا للعامة العمياء في هذا الباب ، نعوذ بالله من طغيان
__________________
(١) الكافي ج ٨ ص ٢٦٣ ح ٥٠١ ، تفسير القمي ج ١ ص ٢٠٩ ، الوسائل ج ١٤ ص ٣١٦ ح ١٢.
(٢) سورة الانعام ـ الآية ٨٤ و ٨٥.
(٣) سورة آل عمران ـ الاية ٦١.
(٤) سورة النساء ـ الاية ٢٣.