ومنها ما رواه المشايخ الثلاثة (عطر الله مراقدهم) بطرق عديدة ، ومتون متقاربة عن عائذ الأحمسي (١) قال : دخلت على أبى عبد الله عليهالسلام فقلت : السلام عليك يا بن رسول الله فقال : وعليك السلام أي والله أنا لولده ، وما نحن بذوي قرابته.
أقول : انظر الى صراحة كلامه عليهالسلام في أنهم ولد حقيقة له (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ـ لا أنهم من ذوي قرابته وأن إطلاق الولد عليهم انما هو مجاز ـ كما يدعيه من لم يعض على التطلع في الأخبار ـ بضرس قاطع ، وأكد ذلك بقسمة بالله سبحانه ، الى غير ذلك من الأخبار التي ذكرناها في كتاب الخمس (٢) ومجمل القول فيها أنها قد دلت على دعواهم عليهالسلام البنوة له (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وافتخارهم بذلك ، وأن شيعتهم كانوا عاكفين على تسميتهم بذلك ، وان المخالفين أنكروا ذلك عليهم ، وهم عليهمالسلام قد استدلوا بالآيات القرآنية كما عرفت ، فلو لا أن المراد البنوة الحقيقية ، لما كان لما ذكر من هذه الأمور وجه بالكلية ، لأن المجاز لا يوجب الافتخار ، ولا يتوقف على الاستدلال ، ولا يكون محلا للمخاصمة والجدال بل هذه الأشياء إنما تترتب على المعنى الحقيقي ، كما لا يخفى على الناقد البصير ، ولا ينبئك مثل خبير.
ولكن أصحابنا (سامحهم الله برضوانه) لما لم تصل هذه الأخبار الى نظرهم ، ولم يطلعوا عليها بالكلية جروا على ما جرت عليه العامة العمياء في المباحث الأصولية ، إلا أن الآيات حجة ظاهرة عليهم ، وهي مكشوفة لديهم فخروجهم عنها الى التمسك بهذه التخريجات الضعيفة من قول أعرابي بوال على عقبيه ، وما ذكروه من صحة السلب ونحو ذلك كله رمي في الظلام ، كما لا يخفى على ذوي الأفهام.
__________________
(١) فروع الكافي ج ٣ ص ٤٨٧ ح ٣ ، الوسائل ج ٣ ص ٥٠ ح ١٠.
(٢) ج ١٢ ص ٣٩١.