وثانيهما أنه على تقدير صيرورتها أم ولد كما هو أحد القولين المتقدمين فهل تؤخذ القيمة من تركته للبطون المتأخرة بعد موته ، وانعتاقها بموته؟ قيل فيه وجهان : أطال الكلام فيهما في المسالك ، وحيث أن أصل المسئلة كما عرفت عارية عن النص ، والركون في إثبات أحكامها وما يتفرع عليها الى مجرد هذه التعليلات المتداولة في كلامهم مشكل ، أغمضنا النظر عن الكلام فيها.
ومنها ـ أنه يجوز تزويجها ، والمتولي لذلك هو الموقوف عليه ان قلنا بانتقال الملك اليه ، وان قلنا بالانتقال الى الله فالحاكم الشرعي ، لأنه المتولي لنحو ذلك ونقل عن الشيخ أنها تزوج نفسها ، ورده من تأخر عنه بأنه ضعيف.
وان قلنا ببقاء الوقف على ملك ذلك الواقف ، كان التزويج اليه ، ومهرها للموجودين من الموقوف عليهم ، أو الجهة الموقوف عليها ، لأنه فائدة من فوائدها وعوض من منفعتها المختصة بهم ، فيكون عوضها كذلك.
ومنها ـ أنه لو أتت بولد ، وكان من مملوك أو زنا ، فقيل : انه يختص به البطن الذي يولد معهم ، لأنهم من جملة النماء ، فأشبه الكسب ، وثمرة البستان ، وولد الدابة ، والظاهر أن هذا هو المشهور ، وذهب الشيخ وابن الجنيد وجماعة إلى أنه يكون وقفا كأمه ، لأن كل ولد ذات رحم حكمه حكم أمه كالمدبرة والمرهونة على قول ، ورد بأن الكلية ممنوعة وان كان الولد من حر بعقد صحيح فلا اشكال فيه ، إلا مع اشتراط الرقية في العقد ، على خلاف فيه يأتي تحقيقه ان شاء الله تعالى ـ في محله اللائق به ، وان كان من حر بوطىء شبهة قالوا : فهو حر ، وعليه القيمة للموقوف عليه ، فلأنه فوت عليهم ولد أمة بغير استحقاق ، وأرادوا بكون القيمة للموقوف عليه أنها تكون لهم على جهة الملك ، لا على جهة الوقف على أصح القولين.
ومنها ـ أنه لا يجوز للواقف وطؤها على القول بالانتقال الى الموقوف عليه ، أو الانتقال الى الله سبحانه ، لخروج الملك عنه ، فيكون كالأجنبي يترتب على وطئه ما يترتب على الأجنبي ، وأما على القول ببقاء ملكه قالوا : فإنه لأحد عليه لشبهة الملك