لله سبحانه ، ولعل المراد بالحديث أن الناس كانوا على عهد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لا يتصدق بعضهم على بعض إذا أرادوا معروفا فيما بينهم سوى الزكاة وما يعطى لأهل المسكنة ، بل كانوا يهبون وينحلون ، إما لإرادة تحصيل ملكة الجود أو إرادة سرور الموهوب له أو الإثابة منه أو غير ذلك ، وانما صدقة بعضهم على بعض في غير الزكاة والرحم المسكين أمر محدث ، يعني إطلاق هذه اللفظة في موضع الهبة والنحلة محدث ، لا يدرى ما يعنى به من يتفوه بها ، أيجعلها لله أم لا؟ ثم ان الصدقة حيث لا تكون إلا لله عزوجل فلا يجوز الرجوع فيها ، لأن ما يعطى لله وفي الله فلا رجعة فيه ، وذلك لأنه بمجرد إلا بأنه استحق الأجر وكتب له وما لم يعط لله وفي الله جاز الرجعة فيه إلا في مواضع مشتثناة كما يأتي ، انتهى.
أقول : الظاهر ان المراد بقوله عليهالسلام إنما الصدقة محدثة إنما هو بمعنى أن إطلاق الصدقة على هذا المعنى المشهور الآن ، المشروط بالشروط المتقدمة أمر محدث لم يكن في زمنه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وانما الذي في زمنه النحل والهبات والصدقة يومئذ إنما تستعمل بمعنى الوقف ، كما في صدقات علي عليهالسلام وفاطمة والكاظم (صلوات الله عليهما) المتقدم جميع ذلك ، الا أن المراد ما ذكره من أن إطلاق هذه اللفظة في موضع الهبة والنحلة محدث ، ويشير الى ما قلناه ما رواه في الكافي والتهذيب عن عبيدين زرارة (١) في الموثق قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يتصدق بصدقة؟ إله أن يرجع في صدقته؟ فقال : ان الصدقة محدثة انما كان النحل والهبة ، ولمن وهب أو نحل أن يرجع في هبته حيز أو لم يحز ، ولا ينبغي لمن اعطى شيئا لله أن يرجع فيه».
فان الخبر كما ترى ظاهر في أن السؤال انما هو عن الصدقة المعهودة ، وقد أجاب عليهالسلام بأن الصدقة بهذا المعنى أمر محدث ، وانما المستعمل يومئذ النحل والهبة ، ثم أجاب بأن من من أعطى لله يعنى قرن عطيته بالقربة صدقة كانت أو هبة
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٣٠ ح ٤ ، التهذيب ج ٩ ص ١٥٣ ح ٢ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣٤٢ ح ١.