صوتك ، وان رفع صوته فاخفض أنت صوتك قلت له : فإنه قد توفي قال : فأطب بها».
أقول : وهذان الخبران بضم أحدهما إلى الآخر صريحان في أنها بالقبض والقربة لا يصح الرجوع فيها حسب ما صرح به الأصحاب ، والخبر الأول وان كان مجملا بالنسبة إلى القربة ، إلا أن الثاني صريح في أن العلة في عدم صحة الرجوع بعد القبض هو التقرب الى الله سبحانه ، وأن الصدقة لا تكون الا مع القربة ، وهي ظاهرة في اشتراط القبض والقربة كما قدمنا ذكره ، والظاهر أن الصدقة فيهما بالمعنى المبحوث عنه.
بقي الكلام فيما اشترطه الأصحاب (رحمهمالله) في اذن المالك في صحة القبض ، فان الروايات خالية منه ، وما ذكروه من التعليل المتقدم ذكره مع كونه لا يصلح لتأسيس حكم شرعي لا يخلو من مناقشة أيضا ، قوله «ان القبض المترتب عليه أثره يعني لزوم العقد هو المأذون فيه شرعا» مدخول بأنه بعد العقد وقصد التقرب فيه لله سبحانه ، فإنه يحصل به الانتقال الى من تصدق به عليه ، فإذا قبضه فقد قبض حقا شرعيا انتقل اليه بالعقد الشرعي ، والأذن الشرعي حاصل على هذا التقدير كما لا يخفى ، لأنه لم يتعد في قبضه ، ويؤيده قوله في الرواية الأولى تصدق علي بدار وقبضتها ، فإنه أعم من أن يكون المالك أقبضه أو قبض بنفسه ، وبالجملة فالأصل العدم حتى يقوم دليل على هذا الشرط.
ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي (١) عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم): إنما مثل الذي يرجع في صدقته كالذي يرجع في قيئه». وعن جراح المدائني (٢) «عن أبى عبد الله عليهالسلام أنه قال : في الرجل يرتد في الصدقة قال : كالذي يرتد في قيئه». وعن عبد الله بن سنان (٣) قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يتصدق بالصدقة ثم يعود في صدقته فقال :
__________________
(١) التهذيب ج ٩ ص ١٥٥ ح ١٢. الوسائل ج ١٣ ص ٣١٦ ح ٤.
(٢ و ٣) التهذيب ج ٩ ص ١٥٥ ح ١١ وص ١٥١ ح ٦٥.
وهذه الروايات في الوسائل ج ١٣ ص ٣١٦ ح ٤ و ٢ وص ٣١٧ ح ٥.