غيره ، ويمكن الاكتفاء في هدايا الأطعمة بالإرسال والأخذ جريا على العادة بين الناس ، والتحقيق مساواة غير الأطعمة لها ، فإن الهدية قد تكون غير طعام فإنه قد اشتهر هدايا الثياب والدواب من الملوك إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فإن مارية القبطية أم ولده كانت من الهدايا ، انتهى ، ومرجع هذا التحقيق إلى ما قدمنا نقله وهو جيد ، واستحسنه في المسالك.
أقول : ومثل مارية القبطية التي أهديت إليه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الجارية التي أهداها المختار إلى زين العابدين عليهالسلام فأولدها زيدا ، ومعها مبلغ من الدنانير فقبله عليهالسلام والحديث في حكاية اهدائها موجود ليس فيه شيء من هذه الأمور التي اعتبروها ، والشروط التي اشترطوها ، ومن تتبع الأخبار والسير علم صحة هذا الكلام ، وأن خلافه نفخ في غير ضرام.
على أنك قد عرفت ما في اشتراط الإيجاب والقبول في سائر العقود هذا.
والمشهور في كلامهم أن الإهداء إنما يفيد مجرد الإباحة دون الملك ، وللدافع الرجوع ما دامت العين موجودة ، وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك الميل إلى حصول الملك بذلك ، وان جاز الرجوع ، قال : ـ بعد ان استحسن كلام التذكرة كما ذكرناه ـ ما لفظه : ومع ذلك يمكن ان يجعل ذلك كالمعاطاة تفيد الملك المتزلزل ، ويبيح التصرف والوطي ، ولكن يجوز الوجوع فيها قبله عملا بالقواعد المختلفة ، وهي أصالة عدم اللزوم مع عدم تحقق عقد يجب الوفاء به ، وثبوت جواز التصرف فيها بل وقوعه ، ووقوع ما ينافي الإباحة ، وهو الوطي وإعطاء الغير فقد وقع ذلك للنبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في مارية أم ولده ، وقد كان يهدى إليه الشيء فيهديه لزوجاته وغيرهن ، وأهدى إليه حلة فأهداها لعلي عليهالسلام
من غير أن ينقل عنه قبول لفظي ولا من الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) إيجاب كذلك مقارن له ، وهذا كله يدل على استفادة الملك في الجملة ، لا الإباحة ، ولا ينافي جواز رجوع المهدي في العين ما دامت باقية ، انتهى.