أقول : وقد تقدم في المقصد الثاني موثق عبيد بن زرارة (١) وفيه «ولمن وهب أو نحل أن يرجع في هبته حيز أو لم يحز ، ولا ينبغي لمن اعطى لله عزوجل أن يرجع فيه».
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الكلام هنا يقع في مواضع الأول ـ لو أراد هبة ما في الذمة فلا يخلو اما أن يكون لغير من عليه الحق ، أو لمن عليه الحق ، فهنا مقامان أحدهما في هبة غير من عليه الحق ، وقد اختلف الأصحاب (رحمهمالله) في صحة ذلك وبطلانه ، والمشهور البطلان لما سيأتي ـ ان شاء الله تعالى ـ تحقيقه من أن القبض شرط في صحة الهبة وما في الذمة يمتنع قبضه ، قالوا : لأنه ماهية كلية لا وجود لها في الخارج ، والجزئيات التي في ضمنها ليس هي الماهية ، بل بعض أفرادها غيرها.
أقول : ويؤيده ما صرح به الشيخ في المبسوط حيث منع من وقف الدين ، قال : لأن من شروطه القبض ، والدين لا يمكن تسليمه ، ولا يمكن فيه القبض ، وذهب الشيخ وابن إدريس والعلامة في المختلف إلى الصحة ، واحتج عليه في المختلف بأنه يصح بيعه ، والمعاوضة عليه ، فتصح هبته لغير من هو عليه ، واشتراط الهبة بالقبض لا ينافيه ، لتحققه بأن يقبضه المالك ، ثم يقبضه الموهوب ، أو يوكله المالك في القبض عنه ، ثم يقبض من نفسه.
أقول : ويدل على القول بالصحة ظاهر الخبر الثاني عشر ، والتقريب فيه التقرير على صحة الهبة لولده وان جاز له نزعه منه ، كما صرح به عليهالسلام والنزع منه مستلزم لحصول الانتقال إليه بالهبة.
بقي الكلام فيه من حيث جواز الرجوع فيما يهبه لولده ، وهي مسئلة أخرى يأتي الكلام فيها ان شاء الله تعالى ، وظاهر الخبر هو صحة الهبة وان لم يحصل قبض ، ويمكن حمله على أن القبض شرط في اللزوم لا الصحة ، والهبة
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٣٠ ح ٤ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣٤٢ ح ١.