ومنها ما لو مات الواهب قبل الإقباض ، فإنها تبطل على الأول ، ويتخير الوارث بين الإقباض وعدمه على الثاني.
ومنها فطرة المملوك الموهوب قبل الهلال ولم يقبضه الا بعده ، فإنها على الواهب على الأول ، وعلى الموهوب له على الثاني.
ومنها نفقة الحيوان في المدة المتخللة ، وأنت خبير بأن الأخبار في هذا المقام لا تخلو من اختلاف ، فمما يدل على القول الأول الخبر الثامن ، حيث صرح فيه بأنها بعد الموت وقبل القبض ترجع ميراثا ، وهو ظاهر في بطلانها قبل القبض ، ولو كانت صحيحة كما هو القول الآخر لكان الحكم تخير الوارث بين الإقباض فتلزم وعدمه ، والخبر الرابع عشر لدلالته على أن الهبة لا تكون هبة أبدا الا بالقبض ، ومفهومه أنها بدونه لا تكون هبة وهو أظهر ظاهر في البطلان بدون القبض.
واستدل القائلون بهذا القول زيادة على الخبرين المذكورين بأن الأصل بقاء الملك على مالكه ، وعدم تأثير العقد في مقتضاه ، خرج منه ما بعد القبض بالإجماع ، فيبقى الباقي.
وأجاب عنه الآخرون بارتفاع الأصل بطرو السبب الناقل ، وعموم الأمر (١) «بالوفاء بالعقد» يمنع تأثيره بقبضه مطلقا ، وأجابوا عن الرواية الأولى بضعف السند ، وعن الثانية بأنه لا يجوز حملها على ظاهرها ، والا لزم التناقض ، بل المراد أن الهبة لا تكون هبة لازمة أبدا حتى يقبض ، وهو أولى من إضمار الصحة ، فإن ما ليس بصحيح كالمعدوم ، ومما يدل على القول الثاني الخبر السابع عشر ، وهو مع صحته ظاهر بل صريح في صحة الهبة قبل القبض ، لأن المراد بالجواز في هذا الباب وما تقدمه اللزوم في أكثر الأخبار ، ولكن وجه الجمع بين هذا الخبر وغيره يقتضي الحمل على الصحة ، واحتجوا على ذلك زيادة على الرواية بأنه عقد يقتضي التمليك ، فلا يشترط في صحته القبض ، كغيره من العقود ، ولعموم
__________________
(١) سورة المائدة ـ الاية ١.