تنبيهات :
الأول : لو مات المتهب بعد العقد وقبل القبض ، فالظاهر أنه كموت الواهب في التفريع على القولين المتقدمين ، فان قلنا ان القبض شرط في الصحة بطلت الهبة في الموضعين ، وصار الموهوب ميراثا لورثة الواهب ، وان قلنا بالقول الأخير تخير الواهب في الإقباض وعدمه في موت المتهب ، وتخير وارثه في ذلك في موت الواهب ، صرح بذلك في التذكرة وأكثر الأصحاب لم يذكروا إلا موت الواهب.
واستدل في المسالك على البطلان بموت الواهب ـ حيث انه المفروض في عبارة المصنف بمرسلة أبان ، ورواية داود بن الحصين المتقدمين ـ ثم طعن فيهما بضعف السند ، ومورد الخبرين كما ترى انما هو موت الواهب ، ثم نقل عن الشيخ في المبسوط الخلاف في ذلك ، حيث انه قال لا تبطل الهبة ، وتقوم الورثة مقامه كالبيع في مدة الخيار ، من حيث ان الهبة عقد يؤل الى اللزوم ، فلا ينفسخ بالموت ، وتبعه ابن البراج على ذلك ، مع أن الشيخ قال في هبة ذي الرحم : إذا مات قبل قبضها كان ميراثا ، وقال : ان الملك لا يحصل الا بالقبض ، وليس كاشفا عن حصوله بالعقد ، ثم أورد عليه التناقض بين كلاميه.
أقول : كلام الشيخ الأول مبني على مذهبه الذي قدمنا نقله عنه من أن القبض شرط في اللزوم لا في الصحة ، إلا أنه ناقضة بكلامه الأخير ، وهذا هو ما قدمت الإشارة إليه في تمسك صاحب الدروس به في رفع الخلاف من البين.
ثم انه قال في المسالك : ولا فرق مع موته قبل القبض بين اذنه فيه قبله وعدمه ، لبطلان الاذن بالموت ، وفي معناه ما لو أرسل هدية الى انسان فمات المهدى أو المهدي اليه قبل وصولها ، فليس للرسول دفعها حينئذ الى المهدي اليه ، ولا الى ورثته لبطلان الهدية بالموت قبل القبض كالهبة ، انتهى.