وهذه الروايات تصلح حجة لابن الجنيد والأصحاب حملوها على تقدير سلامة السند على الكراهة جمعا وقد روى أبو بصير في الصحيح (١) ثم نقل الخبر الحادي والعشرين ثم قال : ولا قائل بمضمونه تفصيلا غير أن تجويزه العطية مع اليسار مطلقا حجة المشهور ، ومنعه عنه مع الإعسار مناسب للكراهة ، والحق الفصل حيث يكون عليه دين ونحوه ، وإطلاق النصوص السابقة يقتضي عدم الفرق بين الصحة والمرض ، وحالتي اليسر والعسر ، إلا الحديث الأخير ، فخص النهى بحالة العسر ، وفي رواية سماعة ثم ذكر الخبر العشرين ، ثم قال : وعمل بمضمونها العلامة في المختلف ، وخص الكراهة بالمرض أو الإعسار وفي بعض نسخة بهما معا ، والظاهر أن دلالة الخبرين على الأول أوضح ، والأقوى عموم الكراهة بجميع الأحوال ، وتأكدها مع المرض والإعسار أعمالا بجميع الأدلة ، لعدم المنافاة انتهى.
وعلى هذا النهج كلام غيره من الأصحاب وأنت خبير بأن ما قدمه من الأخبار عنه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الظاهر أنه من أخبار العامة ورواياتهم ، كما يشهد به سياقها ، لعدم وجود شيء منها في كتب أخبارنا ، وإنما الموجود فيها ما يخالف هذه الأخبار ، ويناقضها من جواز التفصيل ، وهي متكاثرة بذلك.
فمنها ما رواه في الكافي والفقيه عن محمد بن قيس (٢) في الحسن قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض؟ قال : نعم ونسائه».
وما رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن حريز عن محمد بن مسلم (٣) «عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الرجل يكون له الولد من غير أم أيفضل بعضهم على بعض؟ فقال : لا بأس ، قال : حريز وحدثني معاوية وأبو كهمس انهما سمعا
__________________
(١) التهذيب ج ٩ ص ١٥٦ ح ٦٤٤ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣٨٤ ح ١٢.
(٢) الكافي ج ٧ ص ١٠ ح ٦ ، الفقيه ج ٤ ص ١١٤ ح ٤٩٥ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣٤٣ ح ١.
(٣) التهذيب ج ٩ ص ١٩٩ ح ٧٩٥ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣٤٤ ح ٢ و ٣.