وليت شعري كيف غفلوا جميعا عن هذه الأخبار وهي في الكتب الأربعة التي يتداولونها حتى التجئوا الى هذه الأخبار العامية ، والعجب هنا من صاحب المفاتيح حيث تبع صاحب المسالك فيما نقلناه عنه ، وغفل أيضا عن هذه الأخبار كما لا يخفى على من راجعه.
نعم روى في الفقيه عن السكوني (١) قال : «وفي رواية السكوني قال : نظر رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الى رجل له ابنان فقبل أحدهما وترك الآخر فقال النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : فهلا واسيت بينهما». وربما يتوهم متوهم تخصيص الأخبار المتقدمة بهذا ، وهو باطل بل الأظهر حمله على التقية ، فإن رواية عامي مع أنه لم يسنده الى الامام عليهالسلام وقد عرفت دلالة روايات العامة على ما دل عليه.
وأما ما رواه العياشي في تفسيره عن مسعدة بن صدقة (٢) قال : «قال جعفر بن محمد عليهالسلام قال والدي : والله اني لا صانع بعض ولدي وأجلسه على فخذي وأكثر له المحبة ، وأكثر له الشكر ، وان الحق لغيره من ولدي ، ولكن محافظة عليه منه ومن غيره ، لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف واخوته وما أنزل الله سورة يوسف إلا أمثالا لكيلا يحسد بعضنا بعضا كما حسد بيوسف اخوته ، وبغوا عليه فجعلها رحمة على من تولانا ، ودان بحبنا ، وجحد أعدائنا ، على من نصب لنا الحرب والعداوة». فغاية ما يدل عليه أنه عليهالسلام كان يظهر التفضيل لبعض ولده ، فضايقه لدفع شره عن الإمام القائم بعده ، وهذا بما يدعيه أنسب ، والى ما اخترناه أقرب ، ومرجعه الى أن التفضيل قد يكون على جهة الاستحقاق ، أو المضايقة ، فلا منافاة فيه لما ذكرناه.
بقي الكلام في الخبرين المتقدمين الدال أحدهما على التفصيل بين الصحة والمرض ، وأنه يعطى في حال الصحة دون المرض ، والخبر الدال على التفضيل بين اليسر
__________________
(١) الفقيه ج ٣ ص ٣١١ ح ١٨ ، الوسائل ج ١٥ ص ٢٠٤ ح ٣.
(٢) المستدرك ج ٢ ص ٦٢٦ الباب ٦٧ ح ٣ ، العياشي ج ٢ ص ١٦٦ ح ٢.