أفتى العلامة في التذكرة ، ونقله في التحرير عن الشيخ ، وهو مختار جملة من متأخري المتأخرين ، منهم المحدث الكاشاني في المفاتيح ، والفاضل الخراساني في الكفاية وهو ظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك ، ونقله عن جماعة من الأصحاب (رحمهمالله) وظاهر شيخنا الشهيد في شرح الإرشاد الميل اليه من غير جزم ، حيث نفى عنه البعد ، وهذا هو الأظهر عملا بالخبر الرابع (١) وهو صحيح صريح في ذلك ، وبه يخص عموم الأخبار الدالة على جواز الرجوع بعد القبض مطلقا ، كما خص بغيره من الأخبار المتقدمة في الصور السابقة ، وعلى هذا فتكون الزوجية من أسباب اللزوم المستثناة من تلك الأخبار ، كغيرها مما قدمنا ذكره.
والظاهر أن من قال بالأول نظر الى عموم الأخبار الدالة على جواز الرجوع بعد القبض ، فجوز الرجوع وجعل ذلك مكروها ، نظرا الى قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في صحيحة الحلبي (٢) الذي يرجع في هبته كالذي يرجع في قيئه ونحوها غيرها ، بحمله على الكراهة المؤكدة جمعا بينه وبين تلك الأخبار الدالة على جواز الرجوع كما تقدم ذكره ، إلا أن فيه ما عرفت من ورود الخبر الصحيح الصريح باللزوم ، وربما طعن في الصحيحة المذكورة بقوله عليهالسلام فيها «حيز أو لم يحز» حيث ان ظاهره لزوم الهبة ، وان لم يقبض وهم لا يقولون به ، فما يدل عليه الخبر لا يقولون به ، وما يقولون به لا يدل عليه ، وأجاب عن ذلك في المسالك بأنه لما قامت الأدلة على عدم لزومها قبل القبض ، وجب أن تحمل هذه الأخبار على قبض آخر جديد غير القبض الأول ، جمعا بين الأدلة.
أقول : ويمكن أن يقال بالخبر المذكور على ظاهره ، ويخص هذا الحكم بالزوجين ، ولا مانع منه ، إذا دل عليه الخبر ، فكما أنه دل على استثناء الزوجين
__________________
(١) ص ٣٠١.
(٢) التهذيب ج ٩ ص ١٥٥ ح ٦٣٥ ولا يخفى ان المتن المذكور هو مضمون رواية إبراهيم بن عبد الحميد التهذيب ج ٩ ص ١٥٨ ح ٦٥٣ والا فالمذكور في رواية الحلبي هو الصدقة بدل الهبة ، الوسائل ج ١٣ ص ٣١٦ ح ٤ وص ٣٤٣ ح ٤.