موت المورث حالة البيع ، فإن البائع باع ما هو ملكه لحصول الشرط المعتبر في اللزوم ، وصدور البيع من مالك أمره ، ووجه البطلان في الموضعين اتحاد المسئلتين ، في أنه باع مال غيره بحسب الظاهر ، فيصير باطلا ، والقائل بالصحة هنا نظر الى وقوع البيع على ملكه واقعا ، حيث انه وقت البيع قد انتقل إليه بالإرث ، وان كان بحسب الظاهر أنه مال غيره ، لعدم علمه بالوفاة والانتقال اليه ،
واعترض ذلك في المسالك بناء على ما اعترض به في تلك المسئلة مما قدمنا الإشارة إليه ، فقال هنا أيضا : ويشكل بما مر من عدم قصده الى البيع اللازم ، بل انما قصد بيع غيره ، وأقدم على عقد الفضولي ، فينبغي أن يعتبر رضاه به مع ظهور الحال خصوصا مع ادعاء عدم القصد الى البيع على تقدير كونه ملكه ، ولعل هذا أقوى لدلالة القرائن عليه ، فلا أقل من جعله احتمالا مساويا للقصد الى البيع مطلقا ، فلا يبقى وثوق بالقصد المعتبر في لزوم البيع ، إلا أن يقال : ان المعتبر هو القصد الى بيع لازم وتوقفه على اجازة المالك أمر آخر ، والى مثل هذا نظر المصنف وجزم بصحة البيع ، ومثله ما لو باع مال غيره فظهر شراء وكيله له ، انتهى.
أقول : لا يخفى أن من باع مال غيره بغير اذنه ومنه بيع هذا الوارث مال مورثه بناء على حياته فإنه لا يخلو من أن يكون غاصبا أو فضوليا ، وعلى تقدير القول بصحة بيع الفضولي ، فإنه عندهم موقوف في لزومه على اجازة المالك ، وان عدمها يبطل ، والإجازة هنا غير ممكنة لظهور موته وقت البيع كما هو المفروض ، فيؤل الأمر إلى البطلان على كل من التقديرين ، هذا مع تسليم صحة البيع الفضولي وإلا فقد عرفت أن الحق فيه أنه باطل كما مضى تحقيقه في كتاب البيع بما لا مزيد عليه (١) وحينئذ فيبني الأمر في ذلك على أن التصرف الذي يكون بحسب الواقع شرعيا وان لم يكن بحسب الظاهر كذلك ، هل يترتب عليه ما يترتب على الشرعي ظاهرا وواقعا أم لا؟ وبعبارة أخرى موافقة الواقع وان لم يتعلق به
__________________
(١) ج ١٨ ص ٣٧٦.