قدمنا نقله عنه قد اعترضه في المسالك ، فقال : واعلم أن العلامة في القواعد ادعى الإجماع على صحة البيع بتقدير ظهور فساد الهبة ، وعطف عليه حكم ما لو باع مال مورثه ، والإجماع ممنوع ، مع أنه في كتاب البيع من الكتاب المذكور نقل الخلاف فيمن باع مال مورثه فبان موته ، وان استوجه الصحة ، انتهى.
أقول : من الجائز الممكن حصول الإجماع في مسئلة بيع ما ظهر فساد هبته مع الخلاف في المسئلة المعطوفة عليها ، بأن يكون عطفه عليها بناء على ما يختاره فيها ، لا بمعنى أنها مجمع عليها مثل الأولى ، والمسئلة الأولى لم يظهر فيها منازع سواه (قدسسره) فيما أعلم ، وهو لا ينافي دعوى الإجماع قبله ، فإنه مع مناقشته بما قدمنا ذكره عنه لم يذكر مخالفا سواه ، ولم يشر الى خلاف في المسئلة بالكلية كما هي عادته غالبا.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنهم قد ألحقوا بالمسئلة المتقدمة فرعا آخر أيضا ، وهو أنه لو أوصى برقبة معتقة وظهر فساد العتق ، فإن الوصية تكون صحيحة ، لمصادفتها للملك بحسب الواقع من حيث فساد العتق ، وان كانت باطلة بالنظر الى الظاهر من حيث العتق الموجب للخروج عن الملك ، فالوصية لم تصادف الملك بحسب الظاهر ، فتبطل ، إلا أنه لما كان المدار انما هو على مصادفة الواقع ، والحال أنه لا عتق في الواقع كانت صحيحة.
قال في المسالك بعد ذكر نحو ما ذكرناه من الحكم بالصحة وبيان الوجه في ذلك : ويشكل بما مر ، ويزيد هنا أنه على تقدير كونه معتقا ظاهرا ولم يتبين له حال الوصية فساد العتق أنه لا يكون قاصدا إلى الوصية الشرعية ، بل بمنزلة الهاذل والعابث بالنظر الى ظاهر حاله ، فلا ينفعه ظهور ملكه بعد ذلك في نفس الأمر ، بخلاف من باع غيره فإنه قاصد إلى بيع صحيح شرعي ، غايته أنه جائز من قبل المالك ، لكنه لازم من قبل المشتري فهو عقد شرعي مقصود اليه ، وان لم يقصد الى لزومه مطلقا ، بخلاف الوصية بالعتق ظاهرا ، فإنها بحسب الظاهر باطلة