على يوم موتك ، قيل ، وما تلك الاستعانة قال تحسن تدبير ما تخلف ، وتحكمه».
ولا ريب أن ترك هذه الأمور المشار إليها وعدم الوصية بها موجب لما ذكروه عليهمالسلام من نقصان المروة والعقل.
السادس ـ قال ابن إدريس في كتاب السرائر بعد نقل الخبر المشتمل على قوله «ما أبالي أضررت بورثتي أو سرفتهم ذلك المال» ما ملخصه : سرفهم بالسين غير المعجمة والراء غير المعجمة المكسورة والفاء ، ومعناه أخطأتهم وأغفلتهم ، لأن السرف الإغفال والخطأ ، وقد سرفت الشيء بالكسر إذا غفلته وجهلته ، وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب أنه وأعده أصحاب له في المسجد مكانا فأخلفهم فقيل له في ذلك فقال : مررت بكم فسرفتكم أي أخطأتكم وأغفلتكم الى أن قال : هكذا نص عليه جماعة أهل اللغة ذكره الجوهري في كتاب الصحاح ، وأبو عبيدة الهروي ، وأما من قال في الحديث سرقتهم ذلك المال بالقاف فقد صحف ، لأن سرق لا يتعدى الى مفعولين إلا بحرف الجر ، يقال سرقت منهم مالا ، وسرفت بالفاء يتعدى الى مفعولين بغير حرف الجر ، فملخصه ذلك ، انتهى.
أقول : فيه أن مرجع استدلاله لهم الى أن سرف يتعدى الى مفعولين بنفسه ، وسرق لا يتعدى الى مفعولين إلا بحرف الجر ، وهو في الحديث قد عدي الى مفعولين ، فيجب حمله على سرف بالفاء ، والا فمجرد ورود سرف بمعنى أخطائه وجهله لا يدل على ما ادعاه فإنه مسلم ، ولكن لا يلزم حمل الحديث عليه.
وأنت خبير بأن ما استند اليه مما ذكره مردود ، بأن الظاهر من كلام أهل اللغة أن سرف بالفاء انما يتعدى الى مفعول واحد أيضا ، وهو ظاهر صدر كلامه ، وان ادعى في آخره خلافه ، فإن الحكاية التي نقلها عن الأصمعي إنما تضمنت تعديه الى مفعول واحد كما هو في اللفظ الذي جعل بمعناه من قولهم أخطأتكم وأغفلتكم فان الجميع انما عدي فيه الى مفعول واحد ، وكذلك قوله وقد سرفت الشيء بالكسر إذا أغفلته وجهلته ، فإنه انما حكاه متعديا الى مفعول واحد ، كاللفظين اللذين جعل بمعناهما.