الرد الواقع حال الحياة فإن الملك لم يحصل بالكلية وان قبل في تلك الحال.
هذا كله فيما لو تعلق الرد بالجميع ، أما لو رد بعضا وقبل بعضا فإنه يصح فيما قبله ، ويبقى الكلام في البعض الذي رده ، فبنى على الفروض المتقدمة من الرد في حال الحياة أو بعد الوفاة ، قبل القبول أو بعده ، مع القبض أو عدمه.
وبالجملة فإن الوصية لما كانت تبرعا محضا لم ترتبط أجزائها بعضها ببعض ، فكما يصح قبولها جميعا يصح قبول بعضها ، ويلزمه حكمه خاصة ، ويلزم الآخر أيضا حكمة المتقدم ، وهذا بخلاف البيع ونحوه من عقود المعاوضات ، فإن البائع لو باعه جملة فقبل المشتري بعضها ، وقع قبوله لاغيا ، لأن الغرض فيه مقابلة أجزاء العوض بأجزاء المعوض ، والبعض الذي اختص بالقبول غير مقصود للبائع إلا مقيدا بالجملة ، بخلاف التبرع المحض ، فان القصد إلى الجملة يتضمن القصد الى كل واحد من أجزائها منضمة ومنفردة ، ومن ثم لو أوصى بما زاد على الثلث ولم يجز الوارث بطل في الزائد ، وصح في قدر الثلث وان قبل الموصى له لعدم الارتباط الذي بيناه ، هكذا قيل.
وفيه نظر ، فان ما ادعى من أنه لو قبل المشترى بعض الجملة المباعة دون بعض وقع لاغيا ، لا دليل عليه شرعا ، وما علل به من هذا الوجه الاعتباري لا يصلح لتأسيس حكم شرعي ، ولو تم ما ادعوه من الارتباط بين أجزاء المبيع فلا يصح في بعض دون بعض ، للزم البطلان فيما لو باع ماله ومال غيره صفقة ، فيبطل البيع في الجميع ، مع أنه ليس كذلك ، بل يصح البيع في ماله ، ويختص البطلان بمال الغير ، ويوزع الثمن بالنسبة كما تقدم ذكره في محله.
وبه يظهر ما في قوله ومن ثم لو أوصى بما زاد على الثلث الى آخره حيث جعل مناط الصحة في الثلث خاصة ، والبطلان فيما زاد هو عدم الارتباط ، مع أن مثله كما عرفت وارد في المبيع ، وحينئذ فلا يتم ما ادعوه كليا.
وبالجملة فإن المدار في الأحكام الشرعية كيف كانت ، انما هو على النصوص الشرعية ، دون هذه التعليلات العقلية ، والله العالم.