النيابة فظاهر ، ولهذا وضع الشارع نصيبا للعامل ، ولا خلاف أنه يجب دفع الزكاة الى الامام والعامل ، ويبرأ ذمة الدافع ، وان تلف لأنهما كالوكيلين لأهل السهمين ، وأي استبعاد في أن يقول الفقير : وكلتك في قبض ما يدفعه المالك الي عن زكاته ، ولا يستلزم ذلك استحقان المطالبة ، بل إذا اختار المالك الدفع الى ذلك الفقير جاز الدفع الى وكيله ، انتهى.
أقول : والمسئلة لا يخلو عن شوب الاشكال ، وان كان قول ابن إدريس هو الأقرب الى جادة الاعتدال ، أما ما ذكره العلامة من أنه عمل مباح يقبل النيابة ، فإنه مصادرة ظاهرة ، لأن هذا هو عين المدعى ، إذ الخصم ينكر ذلك.
وما ذكره من الدفع الى الامام بيده أو يد عامله ، ففيه أنه ليس كون الامام هنا وكيلا عن المستحقين بأولى من كونه وكيلا عن المالك ، ويكون نائبا منابه في تفريقه على المستحقين ، ولهذا ان بعض الأصحاب صرح بكونه وكيلا عن المالك.
وكيف كان فهو مستثنى بالنصوص الدالة على ذلك ، حتى قيل : بوجوب الدفع اليه ، وان كان المشهور الاستحباب ونائبه عليهالسلام في معناه.
وإنما يبقى الكلام فيما عداه ، ومما يتفرع على ذلك أنه لو تلف المال في يد الوكيل بتفريط أو غير تفريط فمقتضى كلام القائل بالجواز براءة ذمة المالك ، وهو مشكل ، لأنه مأخوذ عليه بظواهر النصوص في براءة ذمة الدافع الى المستحق ، والمتبادر منه كما هو الشائع المتعارف هو الدفع اليه بيده ، والحال أنه لم يدفع اليه بيده ، وكون الدفع الى وكيله دفعا اليه ، يتوقف على قيام الدليل على صحة الوكالة في هذه المسئلة.
ومما يتفرع على ذلك أيضا أنه لو تصرف الوكيل في المال المدفوع اليه صح ذلك ومضى ، لأن المستحق الذي وكله لا يستحق المطالبة به ، لأنه لا يصير ملكا له الا بعد قبضه ، فلا يستحق المطالبة به ، والدافع قد برئت ذمته كما هو المفروض