والقياس على عدم حل المذبوح حينئذ لأنه بمنزلة الميت فاسد ، ان سلم الأصل وسيأتي ان شاء الله تعالى ما فيه في بابه ، ومن ثم وجبت الدية على قاتله في هذه الحالة ، وحكم اللحم حكم آخر ، وأما حديث منع القاتل عن الميراث وجعل الوصية كالميراث فواضح الفساد ، فلم يبق إلا العمل بالنص الصحيح ان اقتضاه أصل المعنى ، أو رده بأحد الوجوه المقتضية له ، ككونه آحادا أو مخالفا للأصول كما اختاره ابن إدريس (رحمهالله عليه) محتجا على الصحة بأنه حي عاقل مكلف ، وبالنهي عن تبديل الوصية بعد سماعها بالقرآن الذي هو حجة المتناول بعمومه لمحل النزاع ، أو بمنع تخصيص القرآن بخبر الواحد. ولكلام ابن إدريس وجه وجيه ، وان كان الوقوف مع المشهور والعمل بالنص الصحيح أقوى ، انتهى كلامه زيد مقامه.
أقول : ما ذكره في رد الوجوه العقلية التي استدل بها العلامة جيد ، وانما الكلام في قوله نقل حجة ابن إدريس : ولكلام ابن إدريس وجه وجيه ، وبنحو ذلك أيضا صرح في المختلف بعد نقل حجة ابن إدريس المذكورة ، فقال : وقول ابن إدريس (رحمهالله عليه) لا بأس به.
وأنت خبير بأن مرجع ترجيحها لمذهب ابن إدريس في هذه المسئلة وفي سابقتها الى أن مذهب ابن إدريس هو الأوفق بالأصول والآيات القرآنية ، ولهذا ان شيخنا المذكور في الروضة في المسئلة السابقة قال : ان قول المشهور مستند الى روايات متضافرة ، بعضها صحيح ، إلا أنها مخالفة لأصول المذهب والاحتياط ، وفيه أنه لا يخفى على المتتبع للأحكام أن ما ذكروه هنا لا خصوصية له بهذا المقام ، ونظائره في الأحكام أكثر من أن يأتي عليه قلم الإحصاء ، أو يدخله العد والاستقصاء ، وها أنا أذكر لك ما خطر بالبال العليل مما هو من هذا القبيل ، فمن ذلك مسئلة الحبوة فقد دلت الآيات والروايات على أن ما خلفه الميت يكون ميراثا لجميع الورثة ، مع أنهم قد عملوا بأخبار الحبوة ، وخصصوا بها تلك الأدلة من الآيات والروايات ، ومن ذلك ميراث الزوجة فإنهم قد اتفقوا على حرمانها من