لا بد له من لفظ يدل عليه ، ومجرد الوصية بما زاد على الثلث ثانيا وثالثا أعم من الرجوع عن الأولى وعدمه ، فلا يدل عليه.
أقول : قوله «ولا يتوهم هنا. الى آخره» خرج مخرج الرد على ما ذكره ابن إدريس ، والشيخ في الخلاف فيما قدمنا نقله عنهما ، ثم انه قال المحقق أيضا : ولو أوصى بثلثه لواحد ، وبثلثه لآخر ، كان ذلك رجوعا عن الأول الى الثاني ، قال الشارح : الفرق بين هذه المسئلة والتي قبلها الموجب لاختلاف الحكم أن الثلث المضاف الى الموصى هو القدر النافذ ، والنافذ فيه وصيته شرعا ، فإذا أوصى به ثانيا فقد رجع عن الوصية الأولى ، لأن ليس له ثلثان مضافان اليه على هذا الوجه ، فيكون بمنزلة ما لو أوصى بعين لواحد ثم أوصى به لآخر ، بخلاف قوله لفلان ثلث من غير اضافة الى نفسه ، فإنه متعلق بجملة المال من غير أن ينسب الى ثلث النافذ فيه الوصية ، فإذا أوصى بعده بربع لا يتبادر الى الفهم منه أنه نقض ذلك الثلث السابق ، بل الربع الذي هو خارج عن الثلث المتعلق بأصل المال ، وكذلك السدس ، فيكون وصايا متعددة لا تضاد بينها ، فيبدأ بالأول منها فالأول حتى يستوفي الثلث عند عدم الإجازة ، انتهى.
وهو كما ترى صريح فيما قلناه ، واضح فيما ادعيناه ، وبالجملة فإن مقتضى أنه ان كان الموصى به أشياء بعينه ، متغايرة أو مطلقة ومعينة ، فإنه يبدأ فيها بالأول فالأول ، ولا يكون الثاني رجوعا عن الأول ، سواء زاد الأول عن الثلث أو نقص عنه ، وتكون الفائدة أنه لو أجاز الوارث الجميع نفذت الوصايا كلها ، ومنه ما لو أوصى بثلث المال لشخص ، ثم أوصى بالثلث أو الربع لآخر ، بتقريب ما تقدم نقلة عن المسالك من قوله ، بخلاف قوله لفلان ثلث ، من غير اضافة الى نفسه الى آخره. وان اتحد العين كان الثاني رجوعا عن الأول ، لامتناع اتحاد الملكين في عين واحدة ، ومن هذا ما أضاف الثلث الى نفسه ، فيكون الثانية ناسخة للأولى قطعا ، بتقريب ما تقدم نقله عن المسالك من قوله أن الثلث المضاف الى