وفي المسالك هنا أن دخول الجفن قوي لأنه كالجزء عرفا ، أما الحلية فلا تدخل إلا مع التعيين ، وهو خلاف ما صرح به أولا مما قدمنا نقله عنه ، بل الظاهر أن العكس أقوى لأن الحلية أقرب الى الجزئية من الجنس الذي هو متفرد على حده ، والله العالم.
ومنها ما لو أوصى في سبيل الله وقد اختلف الأصحاب في ذلك فقال الشيخ في النهاية والشيخ المفيد في المقنعة : إذا أوصى بثلث ماله في سبيل الله ولم يسم أخرج في معونة المجاهدين لأهل الضلال والكافرين ، وإن لم يحضره مجاهد في سبيل الله وضع في أبواب البر من معونة الفقراء والمساكين ، وأبناء السبيل ، وصلة آل الرسول ، بل يصرف أكثره في فقراء آل محمد عليهمالسلام ومساكينهم وأبناء سبيلهم ، ويصرف ما بقي بعد ذلك في أبواب البر ، وتبعهما في ذلك ابن البراج في الكامل ، وقال في المبسوط : إذا أوصى بصرف ثلث ماله في سبيل الله ، فسبيل الله هم الغزاة ، وهم على ضربين أحدهما المرابطون المترصدون للقتال ، فهؤلاء لا تدفع إليهم من الزكاة ، لأنه يصرف إليهم أربعة أخماس الغنيمة ، والضرب الثاني هم أصحاب الصنائع الذين إذا نشطوا غزوا ، ثم عادوا الى حرفتهم ، فهؤلاء تدفع إليهم من الزكاة مع الغنى والفقر ، وهكذا الوصية ، وفي أصحابنا من قال : ان سبيل الله يدخل فيه جميع مصالح المسلمين ، من بناء القناطير وعمارة المساجد ، والمشاهد ، والعمرة ، ونفقة الحاج ، والزوار ، وغير ذلك.
دليلنا على هذا أخبار الطائفة ، وأيضا فإن جميع ذلك طريق الى الله ، وسبيل إليه ، فالأولى حمل اللفظ على عمومه ، وكذا الخلاف في آية الزكاة.
أقول : وظاهره اختيار القول الثاني ، وقال ابن الجنيد إذا قال في السبيل ، أو سبيل الله جاز ذلك لأهل الثغور ، وأقربهم إليه أولى ، وجاز أن يجعل في الحج لقول رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) (١) لأم معقل وقد سألته عن ابنها
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ٢٧٤.