ويحتمل طرو الخلاف في العمارة ، وسائر المؤن ، بناء على وجوب ذلك على المالك حفظا للمال ، والفرق واضح.
نعم لو كانت المنفعة موقتة اتجه وجوبها على المالك ، وإجباره عليها حفظا لماله عن الضياع ، لأن منفعته به مترقبة ان أوجبنا إصلاح المال.
الثانية : قالوا : وللموصى له التصرف في المنفعة ، وللورثة التصرف في الرقبة ، ببيع وعتق وغيره ، ولا يبطل حق الموصى له بذلك.
أقول : فيه إشارة الى ما تقدم في القول الثاني من أن الوصية بجميع المنافع لا تستلزم عدم نفع بالكلية ، بل هنا منافع تابعة للملك ـ مثل العتق والهبة والبيع ونحوها ـ باقية ، والوصية بمنافع العبد من خدمته وغلة البستان وسكنى الدار ، ونحو ذلك لا ينافي بقاء هذه المنافع للمالك ، وأنه يتصرف في العين بذلك.
وبالجملة فإنه لما كانت الرقبة ملكه ، فإنه يجوز له عتقها لو كان عبدا إذ لا مانع منه بوجه ، ولا يستلزم بطلان حق الموصى له من تلك المنافع ، لأن حق المالك هو الرقبة ، ولا يملك إسقاط حق الموصى له من تلك المنافع ، وليس للعتيق الرجوع على الورثة بشيء في مقابلة تفويت منافعه عليه ، لأن تفويت المنافع ليس من قبل الورثة ، وانما هو من قبل الموصي ، وهو متقدم على العتق ، وأما بيعه فان كانت المنفعة الموصى بها محدودة بوقت ، فجوازه واضح ، لعدم المانع كما يجوز بيع العبد الموجر ، وان كان المشتري إنما له التصرف بعد انقضاء مدة الإجارة.
وان كانت الإجارة مؤبدة ، ففي جوازه عندهم مطلقا أو على الموصى له خاصة أو المنع مطلقا أوجه قال في المسالك : أجودها الجواز ، حيث تبقى له منفعة كالمملوك لا مكان عتقه وتحصيل الثواب به أعظم المنافع ، ولأنه يتوقع استحقاق الأرش بالجناية عليه ، أو الحصة منه وقد تقدم في بيع المعمر ما يحقق موضع النزاع ويرجح الجواز له ولو لم تبق له منفعة كبعض البهائم ، فالمنع أجود ، لانتفاء المالية عنه بسلب