الا أن الأقرب هو الصحة في الموضعين ، والفرق بينه وبين الصبي والمجنون ظاهر ، فان عبارتيهما مسلوبة الصحة ، لعدم التكليف الذي هو مناط ذلك بخلاف السفيه. فان الحجر عليه إنما هو من حيث خوف الإفساد والتبذير ، وعدم الإصلاح في تصرفاته ، وهذا مأمون بالإذن له فلا مانع حينئذ من الصحة ، ولو وكله إنسان في شراء نفسه من مولاه فالمشهور الصحة ، قالوا : والمراد وكالته باذن مولاه لتوقف تصرفاته على الاذن منه ، الا ما استثنى والظاهر أنه يكفى في الاذن المذكور إيجاب السيد للبيع مخاطبا به العبد ، وان كان ظاهر كلام جملة منهم الاذن الخاص في ذلك ، وربما قيل : بالمنع لاشتراط مغايرة المشتري للمبيع ، والمشترى والمبيع هنا واحد ، وهو العبد ، ورد بأن المغايرة الاعتبارية كافية ، وربما قيل. بلزوم كون السيد موجبا قابلا.
وفيه أيضا ما تقدم ، قال في المبسوط : إذا وكل رجل عبدا في شراء نفسه من سيده قيل : فيه وجهان : أحدهما يصح ، كما لو وكله في شراء عبد آخر باذن سيده ، والثاني لا يصح ، لأن يد العبد كيد السيد وإيجابه وقبوله بإذنه بمنزلة إيجاب سيده وقبوله ، فإذا كان كذلك وأوجب له سيده وقبله كان السيد هو الموجب القابل للبيع ، وذلك لا يصح ، فكذلك هيهنا ، ثم قال : والأول أقوى.
وقال ابن البراج : الأقوى عندي أنه لا يصح الا أن يأذن له سيده في ذلك ، فان لم يأذن له فيه لم يصح ، قال في المختلف بعد نقل القولين المذكورين : والحق ما قوية الشيخ ، لأن بيع مولاه رضا منه بالتوكيل ، انتهى.
أقول : ومن كلامه يفهم أن من أطلق من الأصحاب كالشيخ والمحقق والعلامة فإن مرادهم الاكتفاء بالإيجاب ، وما يدل عليه من الرضا بذلك عن الاذن الصريح ، وظاهر كلام ابن البراج تقدم الإذن أولا قبل العقد ، وهو ظاهر شراح كلام المحقق والعلامة ، والحق ما ذكره في المختلف ، والله سبحانه العالم.
الثانية : قالوا : ليس للوكيل أن يوكل إلا بإذن من الموكل ، لأن الوكيل