الغير ، وصرفة لها في مصارفها ما لم يتعد فيها الحدود الشرعية ، وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لكل ناظر ، ومن وراء جميع ذلك اتصافه بالعدالة المانعة من تطرق ما ينافيها.
وبالجملة فإن الأقرب عندي هو ما نقل عن ابن الجنيد ومن تبعه ، ولا اشكال عندهم في القبول لو كان المشهود عليه خارجا عما هو وصي فيه ، كما لو جعله وصيا على غلة أطفاله ، فيشهد لهم بدين أو جعله وصيا على تفريق مال معين ، فيشهد للورثة بحق آخر لمورثهم ، ونحو ذلك ، والله العالم.
المسئلة الخامسة : في الوصية بالعتق ، ولذلك صور عديدة. منها ـ من أوصى بعتق عبيده وليس له سواهم ، فان رتبهم في الوصية أعتق الأول فالأول حتى يتم الثلث ، ولو بجزء عبد فيعمل فيه ما يأتي ذكره ، وتبطل الوصية فيمن بقي وإلا أعتق ثلثهم بالقرعة ، بأن يجعلهم أثلاثا ولو بتعديلهم بالقيمة ، ثم يقرع بين تلك السهام الثلاثة ، ويعتق الثلث الذي أخرجته القرعة.
وروي (١) «أن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فعل ذلك في ستة عبيد أعتقهم مولاهم عند موته ، ولم يكن له غيرهم ، فجزاهم أثلاثا ثم أقرع بينهم» ، نقل ذلك الأصحاب في كتب الفروع ، والظاهر أن الرواية عامية ، فإنها غير موجودة في كتب أخبارنا ، إلا أن الظاهر أن الحكم لا اشكال فيه ، لأن القرعة لكل أمر مشكل ، وهذا من جملتها ، ولو توقف التعديل على إدخال جزء من أحدهم ، فإن خرجت القرعة على الثلث الذي فيه ذلك الجزء أعتق من العبد بحسابه ، وسرى العتق في الباقي ، وسعى في باقي قيمته ، كما في كل مبعض.
قالوا : وانما لم يحكم بعتق ثلث كل واحد مع ان كل واحد منهم بمنزلة الموصى له ، وقد قرروا أن الوصايا إذا وقعت دفعة قسط عليها الثلث بالنسبة للحديث النبوي المتقدم ذكره ، فإنه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) انما جزى العبيد أثلاثا ، وأعتق
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ٢٧٢.