فالنماء المتخلل بين الولادة وموت الموصي يتبع العين ، ولم أقف في هذا المقام على نص ، غير أن ظاهر الأصحاب الاتفاق على ما ذكرناه ، فإنه لم ينقل هنا خلاف في شيء من هذه الأحكام.
وإذا استقرت الوصية بولادته حيا لا يقدح فيها موته بعد ذلك ، بل ينتقل الى ورثته ، وهو ظاهر ، إلا أن ظاهر كلامهم اشتراط القبول من الوارث ، بل صرح في المسالك أيضا باشتراط القبول في الحمل ، فأوجب القبول على وليه ، قال في الكتاب المذكور بعد أن ذكر أن الوصية تنتقل الى الوارث لو مات بعد ولادته حيا ما صورته : لكن يعتبر هنا قبول الوارث لإمكانه في حقه ، وانما أسقطنا اعتباره عن الحمل لتعذره كما سقط اعتباره في الوصية للجهات العامة ، ووجه سقوطه عن الوارث تلقيه الملك عن المولود المالك لها بدون القبول ، ثم قال : والمتجه اعتبار القبول في الوصية للحمل مطلقا ، فيقبل وليه ابتداء ، ووارثه هنا وتظهر الفائدة فيما لو ردها قبل قبوله ، فان اعتبرناه بطلت ، وإلا فلا أثر للرد انتهى
أقول : قد تقدم القول في تحقيق اشتراط القبول في الوصية لمعين وعدمه ، وبينا أنه لا دليل على ما ذكروه من الاشتراط ، بل ظواهر جملة من النصوص العدم ، تقدم ذلك في المسئلة الثانية من المقصد الأول في الوصية (١) وكذا في المسئلة الخامسة والسادسة من المقصد المذكور ، وأشرنا أيضا الى أن ما ادعوه ـ وان اشتهر بينهم ـ من أن الوصية عقد تفتقر إلى الإيجاب والقبول مما لم يقم عليه دليل ، كما تقدم ذكره في المسئلة الاولى من مسائل المقصد المشار اليه.
وبالجملة فإنه ليس في هذه المواضع ما يمكن الاعتماد عليه من الأدلة الشرعية ، سوى مجرد كلامهم وتعليلاتهم ، ومن أراد تحقيق الحال يرجع الى المسائل المذكورة ، ثم ان في حكمه أولا بأن الحمل من قبيل الجهات العامة ، فلا تتوقف الوصية له على القبول ، ثم رجوعه عن ذلك في الحمل فحكمه بأنه
__________________
(١) ص ٣٨٧.