والتحقيق أن يقال : إنا شرطنا العدالة كما هو المشهور ، فان الظاهر هو البطلان لو ظهر الفسق ، لأن اشتراطها ابتداء يقتضي الاستدامة ، لما عرفت من أن الغرض من شرط العدالة هو الوثوق والاطمئنان بعدم المخالفة في شيء من الأمور الموصى بها ، والإتيان بها على الوجه المأمور به ، وذلك يقتضي الاستدامة في جميع تصرفاته.
وخلاف ابن إدريس على هذا التقدير ضعيف ، مع أنه قد صرح في كتاب الوصايا على ما نقله عنه في المختلف بأنه لو مات الوصي أو فسق ، أقام الحاكم مقامه من يراه ، وما استند اليه من النهى عن التبديل ليس على عمومه ، بل يجب تقييده بما إذا لم يخالف المشروع فلو خالف جاز تبديله ، ومتى لم يشترط العدالة ابتداء كما هو القول الآخر فان القول بعدم البطلان كما ذهب اليه ابن إدريس غير بعيد ، وما ذكره العلامة (رحمهالله عليه) في تعليل البطلان من أن الظاهر أن الباعث له على اختيار العدل انما هو عدالته جيد ، لو علم أن الباعث له على جعله وصيا هو عدالته ، وإلا فمجرد احتمال ذلك لا يكفي في الحكم بالبطلان ، إذ من الجائز والقريب كون الباعث على نصبه أمرا آخر ، من صحبته أو قرابته ، أو نحو ذلك ، وجاز أن يكون العدالة مزيدة في الباعث ، لا سببا تاما ، فلا يقدح فواتها ، ومن ثم ان المحقق في الشرائع لم يجزم هنا بالبطلان ، بل قال : أمكن القول بالبطلان.
وبالجملة فإن ما ذهب اليه ابن إدريس من الصحة على القول المذكور جيد ، إلا مع تحقق العلم بأن الباعث على نصب العدل هو العدالة ، والله العالم.
الثانية : قد صرحوا بأن من جملة الشروط أيضا في الوصية الحرية ، فلا تصح وصاية المملوك ، لاستلزامها التصرف في مال الغير ، لأن الوصاية يستدعي نظرا في الموصى به وسعيا في تنفيذه ، وهو موجب للتصرف في ملك الغير ، فلا يصح إلا بإذن المولى ، فتصح لزوال المانع ، ولا يخفى أن هذا انما يتم فيما إذا