ولقد أحسن ابن إدريس هنا حيث قال في مسئلة التشاح : وان ناقض نفسه بما ذكره في المسئلة الأولى قال : ان تشاحا في الوصية والاجتماع لم تنفذ بشيء مما تصرفا فيه ، الى أن قال : وللناظر في أمور المسلمين الاستبدال بهما ، لأنهما حينئذ قد فسقا ، لأنهما أخلا بما وجب عليهما القيام به ، وقد بينا أن الفسق يخرج الوصية من يده ، انتهى مع أنه في مسئلة اشتراط العدالة وعدمه ، صرح أولا بالاشتراط ، ثم عدل عنه في آخر كلامه ، فقال : والذي يقتضيه أصول مذهبنا ويشهد به أصولنا وروايتنا أن العدالة في الوصي ليست شرطا في صحة الوصية ، للإجماع على صحة إيداع الفاسق وهي أمانة فكذا الوصية ، انتهى ، ثم عقب ذلك بمسئلة الوصيين ، وقال فيها ما عرفت ، والجميع في موضع واحد ، وربما أمكن فرض التشاح من غير استلزام الفسق فيما إذا اختلف رأيهما في وجه المصلحة مثلا ، فلا يمكنهما الاجتماع على رأي واحد ، لأن كل واحد مكلف بما يقتضيه رأيه من الحكم ، وينبغي أن يستثني هذا من محل البحث المذكور ، فإنه لا يمكن إجبار الحاكم هنا لهما على الاجتماع ، وعلى هذا يخص محل البحث بما يمكن فيه الاجتماع ويكون التشاح ناشيا عن التشهي والميل الطبيعي كأن يريد أحد الوصيين تفرقة صدقة المال الموصى به لذلك على أناس مخصوصيين ، ويريد الآخر غيرهم مع تساوى الجميع في الاستحقاق ، أو أراد أحدهما شراء نوع من المأكول والملبوس للطفل ، وأراد الآخر غيره مع التساوي في المصلحة ، ونحو ذلك فان هذا هو محل البحث.
ونقل عن العلامة في التذكرة أنه بالغ في المسئلة ، وصرح بأنهما لا ينعزلان بالاختلاف ، وأن اللذين أقامهما الحاكم نائبان عنهما وهو عجيب ، والله العالم.
الثاني : قالوا : لو مرض أحدهما أو عجز ضم اليه الحاكم من يقويه ، وهذه العبارة لا تخلو من الإجمال ، وتعدد الاحتمال ، فيحتمل أن يكون المراد