تعالى». الظاهر أن المراد بالحق هنا حق الإيمان.
أقول : أنت خبير بما في الرواية المذكورة من الإجمال ، وتعدد الاحتمال ، والمستدل بها قد استدل بها بناء على ما ذكره من تفسير الحق بحق الإيمان ، فكأنه عليهالسلام قال : يلزمه القيام بوصيته ان كان مؤمنا وفاء لحقه ، بسبب الايمان ، فإنه يقتضي معونة المؤمن وقضاء حوائجه.
ولا يخفى ما فيه ، والأقرب في معنى الخبر ما ذكره شيخنا في المسالك ، واليه أشار العلامة في المختلف من حمل الحق في الخبر على حق الوصية إلى الوصي الأول ، بمعنى أن الوصية تلزم الوصي الثاني بحق الأول ان كان له ، أي للأول قبله ، يعنى قبل الوصي الأول حق ، بأن يكون قد أوصى اليه ، وأذن له أن يوصي ، فقد صار له قبله حق الوصية ، فإذا أوصى بها لزمت الثاني ، وهذا الاحتمال ان لم يكن أرجح لا أقل أن يكون مساويا ، وبه يسقط الاستدلال بالخبر في هذا المجال ، على أن حق الايمان لا يختص بهذا الوصي الثاني ، بل يجب على كل مؤمن كفاية ، والكلام في اختصاص هذا الوصي من حيث الوصاية ، لا من حيث جهة المعونة العامة.
وبالجملة فالأصل يقتضي المنع من التعدي الى غير الوصي الأول ، لأن المتبادر من استنابته في التصرف مباشرته بنفسه ، وبموته يسقط ذلك ، وتفويض التصرف الى غيره يحتاج الى دليل ظاهر ، والرواية على ما عرفت من الإجمال ، وتعدد الاحتمال لا تصلح للاستدلال.
فان قيل : ان ما ادعيتموه من أن المتبادر من استنابة الوصي في التصرف مباشرته بنفسه ، ينتقض عليكم بالتوكيل فيما هو وصى فيه ، فان للوصي أن يوكل فيما جرت العادة بالتوكيل فيه ، بل وغيره على ما اختاره في المسالك أيضا ، فلو اقتضى إطلاق الإيصاء المباشرة ، لما جاز التوكيل ، وبعضهم اعتمد على هذا دليلا للقائلين بهذا القول ، فقال : ويدل عليه جواز الوكالة ، فكما جازت الوكالة جاز الإيصاء.