ومنها صحيحة الحلبي (١) وما في معناها من موثقة سماعة الثانية (٢) ، ورواية أبي ولاد (٣) وأول ما فيها ما ذكره شيخنا في المسالك من أن مضمونها لا يقول به أحد ، لأن الإبراء مما في الذمة صحيح بالإجماع ، دون هبته ، فالحكم فيها بالعكس ، فكيف يستند الى مثل ذلك.
الثاني ـ أنها أخص من المدعى فلا تنهض حجة على العموم.
الثالث ـ معارضتها بظاهر الآية المفسرة في صحيحة زرارة (٤) بالصداق ، وأنه متى طابت نفسها عنه بإبراء أو هبة حل له في مرض كان أو صحة زاد على الثلث أو نقص ، كل ذلك لإطلاق الآية ، والخبر المذكور ، فان قيل : ان إطلاق الآية والخبر المفسر لها يجب تخصيصه بهذه الأخبار ، قلنا : هذه الأخبار حيث كانت معلومة بما عرفت من المنع من جواز الإبراء الذي لا خلاف ولا إشكال في جوازه ، يشكل الاعتماد عليها في التخصيص ، سيما ان الآية والخبر المذكورين قد اعتضدا بالأخبار الكثيرة المتقدمة في أدلة القول الأول ، فالتخصيص لهما تخصيص للجميع ، وهذه الأخبار للعلة المذكورة مع خصوص موردها كما عرفت يضعف عن تخصيص الجميع.
وأما ما تكلفه جمع من متأخري مشايخنا (رفع الله أقدارهم) في الجواب عن الطعن الأول في هذه الروايات ، بالحمل على أنه عليهالسلام كان يعلم أن حق المرأة لم ينتقل إلى ذمة الرجل ، وانما كان عينا موجودة ، فلأجل ذلك منع من الإبراء الذي لا يقع إلا على ما في الذمة ، وأمر بالهبة ، فلا يخفى ما فيه ، على الفطن النبيه ، من التكلف والتعسف الذي يدركه كل ناظر ويعيه ، على أن هذا الاحتمال إنما ذكروه في رواية سماعة ، وغاية إمكانه ، قصره على قضية واحدة ، مع أن رواية
__________________
(١ و ٢ و ٣ و ٤) التهذيب ج ٩ ص ٢٠١ ح ٨٠٢ و ٨٠٣ وص ١٩٥ ح ٧٨٣ وص ١٥٢ ح ٦٢٤. الوسائل ج ١٣ ص.
وهذه الروايات في الوسائل ج ١٣ ص ٣٨٤ ح ١٥ و ١٦ وص ٣٦٧ ح ١١ وص ٣٣٩ ح ١.