الرواية بمعنى «عند» وأن يكون المراد الثلث وما دون ، ويكون الاكتفاء مبنيا على الغالب ، لأن الغالب أما زيادته عن الثلث ، أو نقصانه ، وكونه بقدر الثلث بغير زيادة ولا نقص نادر ، انتهى.
أقول : والحمل الثاني غير بعيد فقد وقع التعبير بمثل هذه العبارة في إرادة المعنى المذكور في جملة من موارد الأحكام ، وعليه حمل قوله (١) عزوجل «فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ» أي اثنين فما فوق.
ثم أقول : قد روى ثقة الإسلام في الكافي والشيخ في التهذيب في الصحيح عن أبى ولاد (٢) قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل مريض أقر عند الموت لوارث بدين له عليه؟ قال : يجوز ذلك ، قلت : فإن أوصى لوارث بشيء؟ قال : جائز».
وظاهر هذه الرواية إنما ينطبق على القول الأول ، لكنها معارضة بصحيحة منصور بن حازم (٣) وموثقة أبي أيوب (٤) المتقدمتين ، وقضية الجمع بين الجميع تقييد إطلاق هذه الرواية بتلك الروايتين.
وكيف كان فهي كما ترى ظاهرة في رد القول الثالث بالنسبة إلى الوارث ، سواء قيدت أم لم تقيد ، لأنه قد حكم بكون الإقرار للوارث من الثلث مطلقا ، وهذه الرواية بحسب ظاهرها قد دلت على كونه من الأصل مطلقا ، فهي ظاهرة في رده من أصله ، وبالنظر الى تقييدها بتلك الروايتين يكون ردا عليه في بعض ما أطلقه ، مضافا الى ذلك ما عرفت في الرواية التي استدل له بها ، وبما حررناه يظهر لك أن أظهر الأقوال الثلاثة المذكورة هو القول الثاني.
وفي المسئلة أيضا أقوال آخر ، منها الفرق بين المضي من الأصل والثلث بمجرد التهمة ، وانتفائها.
__________________
(١) سورة النساء ـ الاية ١١.
(٢ و ٣ و ٤) الكافي ج ٧ ص ٤٢ ح ٥ وص ٤١ ح ٢ ، التهذيب ج ٩ ص ١٦٠ ح ٦٦٠ وص ١٥٩ ح ٦٥٦ وص ١٦٠ ح ٦٥٧، الوسائل ج ١٣ ص ٣٧٧ ح ٤ وص ٣٧٦ ح ١ وص ٣٧٨ ح ٨.