بالبلد ولا غيرها ، فإنه يجب الحج بما أوصى به من أقرب الأماكن التي يمكن الحج ولو من مكة ، كما تضمنه الخبر فإنها أحد المواقيت في الجملة.
بقي الكلام هنا في شيء آخر ، وهو أن السائل قال : انه أمرني أن أحج بها ، والظاهر أن لفظ أحج من الرباعي من أحج غيره ، إذا أعطاه ما يحج به ، لا من الثلاثي المجرد بأن يكون الموصي هو الذي يحج بنفسه ، وأن الميت أوصى اليه بذلك ، وصدر الخبر وان كان محتملا لكل من الأمرين ، إلا أن حكمه في الجواب لما سأله السائل عن ذلك ، بأنه ان بلغ المال لأن يحج به من مكة فأنت ضامن ، انما يتجه على تقدير كونه مأمورا بأن يستأجر من يحج عنه ، بناء على كون أحج من الرباعي ، وإلا فلو كان الوصي هو المأمور بالحج بنفسه بناء على كون اللفظ من الثلاثي المجرد ، والرجل من أهل الكوفة ، فكيف يوجب عليه الامام عليهالسلام أن يتحمل مؤنة النفقة إلى مكة من ماله حتى إذا وصل مكة حج عنه بذلك الوجه الموصى به ، وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه.
وروى الشيخ في التهذيب عن أبي حمزة الثمالي (١) قال : «قال : ان رجلا حضرته الوفاة فأوصى الى ولده : غلامي يسار هو ابني فورثوه مثل ميراث أحدكم ، وغلامي يسار فأعتقوه ، فهو حر ، فذهبوا يسألونه أيما يعتق وأيما يرث ، فاعتقل لسانه ، قال : فسألوا الناس فلم يكن عند أحد جواب ، حتى أتوا أبا عبد الله عليهالسلام فعرضوا المسئلة عليه قال : فقال : معكم أحد من نسائكم؟ قال : فقالوا : نعم معنا أربع أخوات لنا ، ونحن أربع إخوة ، قال : فاسألوهن أي الغلامين كان يدخل عليهن فيقول أبوهن لا تسترن منه ، فإنما هو أخوكن ، قالوا : نعم كان الصغير يدخل فيقول أبونا : لا تسترن منه انما هو أخو كن ، فكنا نظن أنه يقول ذلك لأنه ولد في حجورنا ، وانما ربيناه ، قال : فيكم أهل البيت علامة؟ قالوا : نعم ، قال : انظروا أترونها بالصغير؟ قالوا : فرأوها به ، قال : تريدون أعلمكم أمر الصغير؟
__________________
(١) التهذيب ج ٩ ص ١٧١ ح ٧٠٠ ، الوسائل ج ١٣ ص ٤٢٧ الباب ٤٣.