يضمن بالامتناع ، الا أن هذه الدعوى متقدمة على وقت الامتناع والرجوع إلى الضمان ، وحصول أحد الأمرين المذكورين قبل الامتناع بهذا المعنى ممكن ، وحينئذ يقبل الدعوى بذلك ، وتسمع البينة ، وان كان الامتناع بالجحود فلا يخلو اما أن يرجع إلى نفي الحق عن نفسه ، بأن يقول : لا حق لك عندي أو لا يلزمني دفع شيء إليك ، أو يرجع إلى إنكار قبضه وتسلمه منه بالكلية ، بأن يقول : ما قبضت منك شيئا وعلى الأول منهما ، فالحكم كما تقدم ، بل أوضح ، لأنه متى ادعى التلف قبل الامتناع أو الرد قبل المطالبة ، فامتناعه بهذا المعنى لا يكذب تلك الدعوى ، بل يؤكدها فإنه متى تلف منه أورده صدق أنه لا حق لك عندي ولا يلزمني دفع شيء إليك ، وأما على الثاني فهو محل الخلاف في المسئلة ، فقيل بعدم قبول دعواه ، وان أقام البينة وهو مذهب العلامة في أكثر كتبه ، قال في التذكرة لو أنكر الوكيل قبض المال ، ثم ثبت ذلك ببينة أو اعتراف ، فادعى الرد أو التلف لم يقبل قوله لثبوت خيانته ، لجحوده ، فإن أقام بينة بما ادعاه من الرد والتلف ، لم يقبل بينته ، وللعامة وجهان : أحدهما لا يقبل كما قلناه ، لأنه كذبهما لجحوده ، فان قوله ما قبضت يتضمن أنه لم يرد شيئا ، والثاني يقبل لأنه يدعي الرد والتلف قبل وجود خيانته ، وان كان صورة جحوده ذلك لا تستحق على شيئا أو مالك عندي شيء سمع قوله مع يمينه ، لأن جوابه لا يكذب ذلك ، لأنه إذا كان قد تلف أورده فليس له عنده شيء ، فلا تنافي بين القولين ، الا أن يدعى أنه رد أو تلف بعد قوله مالك عندي شيء ، فلا يسمع قوله ، لثبوت كذبه وخيانته ، انتهى.
وقيل بقبول قوله وسماع بينته ، وهو اختيار الشرائع قال في المسالك :
ووجه ما اختاره المصنف من القبول جواز استناد إنكاره إلى سهو ونسيان ، وعموم (١) «البينة على المدعى واليمين على من أنكر». ويقوى ذلك ان أظهر لإنكاره هذا التأويل ونحوه ، انتهى.
__________________
(١) المستدرك ج ٣ ص ١٩٩ ح ٥ الباب ٣.