لا يضمن ، وعلى هذا فيجب الاشهاد في الأول دون الثاني ، ووجه الأول أن برأيه الذمة ظاهرا وباطنا الذي هو مطلوب الموكل ـ انما يتحقق بالإشهاد ، وكذا الأمر الموكل فيه انما يتحقق بالإشهاد ، فإنه متى أنكر صاحب الدين القبض من الوكيل ولا بينة ، فكأنه لم يأت الوكيل بما وكل فيه ، ولم يأت بما أمر به الموكل فيكون ضامنا بخلاف الإيداع ، فإنه لا يلزمه الاشهاد ، ولا يضمن لو تركه ، لأن الودعي أمين ، وقوله مقبول ، أشهد عليه أو لم يشهد ، فلا يظهر للإشهاد فائدة.
الا أنه يمكن أن يقال : ان الأصل العدم في الموضعين ، ومطلق الأمر في كل من الموضعين لا يدل على الاشهاد ، ويؤيده أن الوكالة مطلقة لا تقييد فيها بالإشهاد ، ويؤيده أن الوكالة قد حصل الامتثال بإنفاذ ما وكل فيه ، فيجوز من دون الإشهاد ، إلا أن يقوم دليل من خارج على الإشهاد ، كالوكالة في الطلاق مثلا ، والظاهر أنه لا إجماع في القضاء ، ولهذا ان ظاهر المحقق في الشرائع التردد في ذلك ، ويؤيده ما تقدم في كلام المحقق ذكره ، ويؤيده أيضا أن فيه سد باب قبول الوكالة لما يتطرق اليه من الضرر الا أن يكون جاهلا فيعذر.
وبالجملة فالمسئلة كغيرها لا يخلو من الاشكال لعدم النصوص القاطعة لمادة القيل والقال في أمثال هذا المجال ، والله سبحانه العالم.
الرابعة : قالوا : لو تعدى الوكيل في مال الموكل ضمنه ، كلبس الثوب ، وركوب الدابة الموكل ببيعهما ، ولكن لا تبطل وكالته بذلك ، ولو باع ما تعدى فيه وسلمه الى المشتري بريء من ضمانه.
أقول : أما الحكم الأول فالظاهر انه لا خلاف فيه إلا من بعض العامة كما ذكره في المسالك ، وفيه أن العلامة في المختلف قد نقل ذلك عن ابن الجنيد أيضا حيث قال : تعدى الوكيل فيما وكل فيه بما يلزمه الغرم والضمان مبطل للوكالة.
وكيف كان فهو ضعيف ، والوجه في بقاء الوكالة وعدم بطلانها وان ضمن بالتعدي أن الوكالة تضمنت شيئين ، الأمانة ، والاذن في التصرف ، فإذا تعدى زالت