يكون قد ولد على الفطرة ، وقد نشأ في حجر الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم قبيل نزول الوحي بالرسالة ، وكان يصحبه في عزلته بحراء ، فكان معه عند نزول الوحي عليه ، فرأى وسمع معه ما رأى وسمع ، وكان أول مصدِّق برسالته ، عندما كان الدين الجديد مقتصراً على ثلاثة ضمهم بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : هو ، وزوجته خديجة ، وابن عمه علي عليهم الصلاة والسلام ، وليس على وجه الأرض مَن يدين بالإسلام سواهم ، فهو أول من آمن ، وأول من صدَّق ، والدعوة لا تزال سرية ، لم يعلن عنها بعد ، وبعد أن اُمر بإنذار عشريته الأقربين ، واشتهر أمر الدين الجديد في مكة ، كذبه الناس سواهما ، إلى أن منَّ الله تعالى على نفر منهم بالإسلام ، فآمنوا بعد أن أقاموا على الشرك ، واتجهوا لعبادة الله تعالى ، بعد أن قضوا العمر في عبادة الأوثان.
يحدثنا الإمام علي عليهالسلام عن ذلك في خطبته المسماة بالقاصعة حيث يقول : «ولقد كان يجاور ـ أي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في كل سنة بحراء ، فأراه ، ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد ـ يومئذ ـ في الإسلام غير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وخديجة ، وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشم ريح النبوة.
ولقد سمعت رنَّة الشيطان حين نزول الوحي عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنَّة؟. فقال : هذا الشيطان قد أيس من عبادته ، إنَّك تسمع ما أسمع ، وترى ما أرى ، إلّا أنَّك لست بنبي ، ولكنك وزير ، وإنَّك لعلى خير» (١).
وقد تواتر النقل على تقدم إسلام أمير المؤمنين عليهالسلام على كافة الصحابة دون استثناء ، وقد روى ذلك عدد كبير من الصحابة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ورواه بعضهم دون إسناد إليه ، فأمّا الصحابة الذين رووه عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في مناسبات مختلفة ، وألفاظ متعددة ، فهم : أبو أيوب الأنصاري ، وأبو ذر الغفاري ، وأبو ليلى ، وأسماء بنت
__________________
(١) نهج البلاغة ٢ / ١٥٧.