نقل هذا القول كل من السيوطي (١) ، وابن حجر (٢) ، وكلاهما نص عليه بقوله : (ونقل بعضهم الإجماع عليه) ، ولم ينسبا هذا القول لأحد ، ولكن بعضهم جمع بين الروايات ، فعطف الموضوعات منها على الأحاديث الصحيحة ، والمتواترة ، وذهب إلى أن الإمام عليّاً عليهالسلام أول من أسلم من الصبيان ، وأنَّ أبا بكر أول من أسلم من الرجال (٣) ، وهذا لا يصح لأمرين :
الأول : إنَّ المناط في هذه القضية هو تكليف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الإمام علياً عليهالسلام ، وقبول إسلامه ، بغض النظر عن سنه يوم أسلم ، وهل كان بالغاً؟ أو كان إسلامه قبل البلوغ؟. فقد دعاه ، وكلفه ، في وقت لم يدع فيه غيره ممن هو أكبر سنّاً منه ، لأنَّه كان مأموراً بالتكتم على ما أُوحي إليه ، وكان ائتمان الإمام علي عليهالسلام على أمر الدعوة ، واختصاصه دون غيره من الناس بها ، لما له من شأن خاص ، ومنزلة اختصه الله عزوجل بها.
إنَّ المسؤوليات التي كانت تترتب على من ينتمي للدين الجديد تحتاج إلى الرجال الأشداء ، للصمود بوجه التيارات العاتية ، وتحمل المصاعب ، والمتاعب ، والتعذيب ، وما إلى ذلك مما ابتلي به المؤمنون الأوائل من الصحابة رضي الله عنهم ، فما حدث لياسر ، وسمية ، وعمار ، وصهيب ، وبلال ، وسواهم من التعذيب لا يتحمله الصبيان ، ولا يقوون عليه ، كما أنَّ الصبيان لا يؤتمنون على مثل هذه الأسرار ، لأنَّهم قد يفشونها قبل وقت إعلانها بقصدٍ ، أو بدون قصد ، من هنا يتضح لنا ما قدمناه من أنَّ للإمام علي عليهالسلام شأنٌ خاص في دعوته من قبل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ،
__________________
(١) تاريخ الخلفاء ١٦٦.
(٢) الصواعق المحرقة ١٢٠.
(٣) تاريخ الخلفاء ٣٤.